و أبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا: هو القيام آخر الليل إلي صلاة الليل.
و قال قوم:
ناشئة الليل ابتداء عمل الليل شيئاً بعد شيء إلي آخره. و الناشئة الظاهرة بحدوث شيء بعد شيء، و اضافته إلي الليل توجب انه من عمل الليل ألذي يصلح أن ينشأ فيه.
و قوله «هِيَ أَشَدُّ وَطئاً» من قرأ- بالفتح- مقصوراً، قال معناه: لقوة الفكر فيه أمكن موقعاً. و قيل: هو أشد من عمل النهار، و قال مجاهد: معناه واطأ اللسان القلب مواطأة و وطاء و الوطاء المهاد المذلل للتقلب عليه، فكذلك عمل الليل ألذي هو أصلح له فيه تمهيد للتصرف في الدلائل و ضروب الحكم و وجوه المعاني.
و قوله «وَ أَقوَمُ قِيلًا» أي أشد استقامة و صواباً لفراغ البال، و انقطاع ما يشغل القلب. و المعني إن عمل الليل أشد ثباتاً من عمل النهار، و أثبت في القلب من عمل النهار. و الأقوم الأخلص استقامة، لأنه القول يشمل المعني علي ما فيه استقامة و فيه اضطراب. و قد يقل ذلک و يكثر، و هو في القول ظاهر کما هو في الخط، ففيه الحرف المقوم و فيه الحرف المضطرب. و قال إبن زيد: معناه أقوم قراءة لفراغه من شغل الدنيا، و قال أنس: معناه أصوب. و قال مجاهد: معناه اثبت.
و قوله «إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبحاً طَوِيلًا» قال قتادة: معناه إن لك يا محمّد في النهار متصرفاً و منقلباً أي ما تقضي فيه حوائجك. و قرأ يحيي إبن معمر بالخاء، و كذلك الضحاك، و معناه التوسعة. يقال اسبخت القطن إذا وسعته للندف، و يقال لما تطاير من القطن و تفرق عند الندف سبائخ، و السبح المر السهل في الشيء، كالمر في الماء، و السبح في عمل النهار هو المر في العمل ألذي يحتاج فيه إلي الضياء. و أما عمل الليل فلا يحتاج فيه إلي ضياء لتمكن ذلک العمل كالفكر في وجوه البرهان و تلاوة القرآن. و قال الجبائي في نوادره «لَكَ فِي النَّهارِ سَبحاً» أي نوماً، و قال الزجاج: