قوم: و من نصب فعلي تقدير آمنا به و بكذا فعطف عليه. قال الزجاج: إن عطف علي الهاء کان ضعيفاً، لان عطف المظهر علي المضمر ضعيف، و من جعله مفعول (آمنا) فنصبه به كأنه قال: آمنا بكذا و كذا، و أسقط الباء فنصب علي المعني، لأن معني (آمن) صدق، فكأنه قال: صدقنا بكذا و كذا، و حذف الجار. و من كسر من هؤلاء بعد القول أو فاء الجزاء، فلأنه لا يقع بعد القول و الفاء إلا ما هو ابتداء، أو ما هو في حكم الابتداء. و من كسر جميع ذلک جعله مستأنفاً، و لم يوقع (آمنا) عليه، و ما نصب من ذلک جعله مفعولا بإيقاع فعل عليه. فأما قوله (أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ استَمَعَ) فمفعول (أُوحِيَ) لا غير بلا خلاف. و قرأ ابو جعفر (أن لن تقوّل الانس) علي معني تكذب. الباقون بتخفيف الواو من القول.
يقول اللّه تعالي آمراً لمحمد نبيه صلي اللّه عليه و آله (قُل) يا محمّد لقومك و من بعثت اليه (أُوحِيَ إِلَيَّ) فالايحاء إلقاء المعني إلي النفس خفياً كالالهام، و انزال الملائكة به لخفائه عن النّاس إلا علي النبي ألذي انزل اليه كالايماء ألذي يفهم به المعني. و المراد- هاهنا- انزال الملك به عليه. ثم بين ما أوحي اليه فقال (أَنَّهُ استَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ) فالاستماع طلب سماع الصوت بالاصغاء اليه، و هو تطلب لفهم المعني، و تطلب ليستدل به علي صاحبه. و قيل: ان الجن لما منعوا من استراق السمع طافوا في الإرض، فاستمعوا القرآن، فآمنوا به، فانزل بذلك الوحي علي النبي صلي اللّه عليه و آله ذكره إبن عباس و مجاهد و الضحاك و غيرهم. و النفر الجماعة. و الجن جيل رقاق الأجسام خفية علي صور مخصوصة بخلاف صورة الملائكة و النّاس. و قيل: العقلاء من الحيوان ثلاثة اصناف: الملائكة، و النّاس، و الجن. و الملك مخلوق من النور، و الانس من الطين و الجن من النار.
ثم ذكر انه قالت الجن بعضها لبعض (إِنّا سَمِعنا قُرآناً عَجَباً) و العجب هو