و معني «لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ» قال الشاعر:
و قلتم لنا كفوا الحروب لعلنا نكف و وثقتم لنا کل موثق
فلما كففنا الحرب كانت عهودكم كلمح سراب في الملا متألق[1]
يعني قلتم لنا: كفوا لنكف، لأنه لو کان شاكا لما كانوا و ثقوا کل موثق و يقول القائل: اقبل قولي لعلك ترشد و إدخاله (لعل) ترقيق للموعظة و تقريب لها من قلب الموعوظ يقول القائل لأجيره: اعمل لعلك تأخذ الاجرة و ليس يريد بذلك الشك و انما يريد لتأخذ أجرتك و قال سيبويه: انما ورد ذلک علي شك المخاطبين کما قال تعالي: (فَقُولا لَهُ قَولًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشي) و أراد بذلك الإبهام علي موسي و هارون و فائدة إيراد لفظة (لعل) هو ان لا يحل العبد ابداً محل الأمن المدل لكي يزداد حرصاً علي العمل و حذراً من تركه و اكثر ما جاءت لعل و غيرها من معاني التشكيك فيما يتعلق بالاخرة في دار الدنيا فإذا ذكرت الآخرة مفردة جاء اليقين و هذه الآية يمكن الاستدلال بها علي ان الكفار مخاطبون بالعبادات، لدخولهم تحت الاسم. و قال بعضهم: معني قوله (لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ) لكي تتقوا النار في ظنكم و رجائكم، لأنهم لا يعلمون انهم يوقون النار في الآخرة، لأن ذلک من علم الغيب ألذي لا يعلمه إلا اللّه. قال: لعلكم تتقون ذلک في ظنكم و رجائكم و اجري (لعل) علي العباد دون نفسه تعالي اللّه عن ذلک. و هذا قريب مما حكيناه عن سيبويه. و (لعل) في الآية، يجوز أن تكون متعلقة بالتقوي. و يجوز أن تكون متعلقة بالعبادة في قوله: (اعبدوا). و هو الأقوي.
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً وَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزقاً لَكُم فَلا تَجعَلُوا لِلّهِ أَنداداً وَ أَنتُم تَعلَمُونَ (22)
(ألذي): في موضع نصب، لأنه نعت لقوله: (ربكم) في قوله: