أَو كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَ رَعدٌ وَ بَرقٌ يَجعَلُونَ أَصابِعَهُم فِي آذانِهِم مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ المَوتِ وَ اللّهُ مُحِيطٌ بِالكافِرِينَ (19)
الصيب علي فيعل من صاب يصوب، و أصله صَيوِب، لكن استقبلتها ياء ساكنة فقلبت الواو ياء و أدغمتا، کما قيل: سيد من ساد يسود، و جيد من جاد يجود، قياساً مطرداً. و الصيب المطر. و کل نازل من علو الي أسفل يقال فيه صاب يصوب. قال الشاعر:
كأنهم صابت عليهم سحابة صواعقها لطيرهن دبيب[1]
و قال عبيد بن الأبرص:
حيّ عفاها صيب رعده داني النواحي مغدق و ابل
و هذا مثل ضربه اللّه للمنافقين، کان المعني: أو كاصحاب صيب. فجعل كفر الإسلام لهم مثلا فيما ينالهم فيه من الشدائد، و الخوف. و ما يستضيئون به من البرق مثلا لما يستضيئون به من الإسلام. و ما ينالهم من الخوف في البرق بمنزلة ما يخافونه من القتل بدلالة قوله: «يَحسَبُونَ كُلَّ صَيحَةٍ عَلَيهِم»[2] و قال إبن عباس: الصيب القطر. و قال عطا: هو المطر. و به قال إبن مسعود، و جماعة من الصحابة. و به قال قتادة. و قال مجاهد: الصيب: الربيع.
و تأويل الآية: مثل استضاءة المنافقين بضوء إقرارهم بالإسلام مع استسرارهم الكفر كمثل مُوقِد نار، يستضيء بضوء ناره، أو كمثل مطر مظلم و دقه يجري من السماء، تحمله مزنة ظلماء في ليلة مظلمة. فان قيل: فان کان المثلان للمنافقين