نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 85
قوله: «كَمَثَلِ الَّذِي استَوقَدَ ناراً»، هلّا قال كمثل الّذين استوقدوا نارا، يكني به عن جماعة من الرجال، و النساء، و الصبيان. و ألذي لا يعبر به إلا عن واحد مذكر و لو جاز ذلک، لجار أن يقول القائل: كأن أجسام هؤلاء- و يشير الي جماعة عظيمي القامة- نخلة. و قد علمنا أن ذلک لا يجوز! قلنا: في الموضع ألذي جعله مثلا لأفعالهم جائز حسن و له نظائر كقوله: «تَدُورُ أَعيُنُهُم كَالَّذِي يُغشي عَلَيهِ مِنَ المَوتِ»[1]. و المعني: كدور أعين ألذي يغشي عليه من الموت و كقوله «ما خَلقُكُم وَ لا بَعثُكُم إِلّا كَنَفسٍ واحِدَةٍ»[2] و معناه إلا كبعث نفس واحدة لأن التمثيل وقع للفعل بالفعل و أما في تمثيل الأجسام لجماعة من الرجال في تمام الخلق و الطول بالواحد من الخيل، فغير جائز، و لا في نظائره.
التفسير:
و الفرق بينهما، أن معني الآية، أن مثل استضاءة المنافقين بما أظهروا من الإقرار باللّه، و بمحمد صلي اللّه عليه و آله، و بما جاء به قولا- و هم به مكذبون اعتقاداً- كمثل استضاءة الموقد، ثم اسقط ذكر الاستضاءة، و أضاف المثل اليهم کما قال الشاعر و هو نابغة جعدة:
أي كخلالة أبي مرحب. و اسقط لدلالة الكلام عليه و أما إذا أراد تشبيه الجماعة من بني آدم و أعيان ذوي الصور و الأجسام بشيء فالصواب أن يشبه الجماعة بالجماعة، و الواحد بالواحد، لأن عين کل واحد منهم غير اعيان الأخر کما قال تعالي: «كَأَنَّهُم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ»[4] و قال: (كَأَنَّهُم أَعجازُ نَخلٍ خاوِيَةٍ)[5]
[1] سورة الأحزاب آية 19. [2] سورة لقمان آية 28. [3] الخلة و الخلالة الصداقة الّتي ليس فيها خلل. و ابو مرحب كناية عن الظل. يريد أنها نزول کما يزول الظل لا تبقي له مودة. [4] سورة المنافقون: آية 4. [5] سورة القمر آية 25.
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 85