قلنا: من قال: بان الآية مخصوصة بمن كفر بعد إيمانه. فقد تخلص من هذا السؤال، غير أن هذا لا يصح عندنا، من أن من آمن باللّه لا يجوز أن يكفر.
و ان حملنا علي اظهار الايمان، لم يكن في الآية توبيخ، و لا ذم. و الآية تتضمن التوبيخ علي ما هم عليه، لأنها اشارة الي ما تقدم و تلك صفات المنافقين. و الجواب عن ذلک ان نقول: إن من ارتكب الضلالة و ترك الهدي، جاز ان يقال ذلک فيه و يکون معناه: کان الهدي ألذي تركه هو الثمن ألذي جعله عوضاً عن الضلالة الّتي أخذها فيكون المشتري أخذ المشتري مكان الثمن المشتري به کما قال الشاعر:
أخذت بالجمة رأساً أزعرا و بالثنايا الواضحات الدردرا
و بالطويل العمر عمراً جيدرا کما اشتري المسلم إذ تنصرا[1]
و منهم من قال: استحبوا الضلالة علي الهدي انما قال ذلک لقوله تعالي: (وَ أَمّا ثَمُودُ فَهَدَيناهُم فَاستَحَبُّوا العَمي عَلَي الهُدي»[2] فحمل هذه الآية عليه. و من حملها علي انهم اختاروا الضلالة علي الهدي. فان ذلک مستعمل في اللغة يقولون اشتريت كذا علي كذا. و اشتريته يعنون اخترته. قال اعشي بني ثعلبة.
فقد اخرج الكاعب المسترا[3] ة من خدرها و اشيع القمارا
يعني: المختارة. قال ذو الرمة في معني الاختيار:
يذب القصايا عن شراة كأنها جماهير تحت المدجنات الهواضب[4]
و قال آخر: