و القول الثاني ان الجواب إذا اختلفت أوقاته فكان الثاني في غير موطن الاول، و کان بعد مدة من وقوع الاول بحسب ما اقتضاه الحال لم يكن ذلک معيباً عند أهل اللغة، و لا عند العقلاء، و الاعتراض عليهم بقوله «تلك أمة قد خلت» انه إذا لم تشكوا أن يکون فرضهم غير فرض الامة الّتي قد خلت قبلكم، و لا تحتجوا بأنه لا يجوز أن يخالفوا عليه، و لو سلّم لكم أنهم كانوا علي ما تذكرونه ما جاز لكم أن تتركوا ما نقل لكم اللّه عنه علي لسان رسوله محمّد صلي الله عليه و آله إذ لله تعالي ان ينسخ من الشريعة ما شاء علي ما يعلم في ذلک من وجوه الحكمة، و عموم المصلحة. و قيل: ان ذلک ورد مورد الوعظ لهم بانه: إذا کان لا يؤخذ الإنسان إلا بعمله فينبغي ان تحذروا علي أنفسكم، و تبادروا بما يلزمكم، و لا تتكلوا علي فضائل الاباء و الأجداد فان ذلک لا ينفعكم إذا خالفتم امر الله فيما أوجب عليكم.
و المعني بقوله تلك أمة قد خلت علي قول قتادة و الربيع ابراهيم عليه السلام و من ذكر معه. و علي قول الجبائي، و غيره: من سلف من آبائهم الّذين كانوا علي ملتهم اليهودية و النصرانية. و قد بينا فيما مضي أن الأمة الجماعة الّتي تؤم جهة واحدة كأمة محمّد (ص) الّتي تؤم العمل علي ما دعا اليه. و كذلك أمم سائر الأنبياء (ص) و الخلاء الفراغ يقال: فرغ من عمله، و فرغ من مكانه. و انما قيل لما مضي خلا، لأنه خلا منه مكانه. و الكسب الفعل ألذي يجرّ لفاعله نفعاً او يدفع به ضرراً. و انما قيل كسب السيئة، لأنه اجلب النفع عاجلا.
و قوله: «وَ لا تُسئَلُونَ» معناه لا تطالبون. و السؤال الطلب. و هو ايضاً الاخبار ألذي اقتضاه ما تقدم من الكلام أي لا يقال لكم لم عصي آباءكم. و انما يقال لكم لم عصيتم و لم ظلمتم.
نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 491