الإنجيل. و قد قال اللّه تعالي: «وَ ما أُنزِلَتِ التَّوراةُ وَ الإِنجِيلُ إِلّا مِن بَعدِهِ»[1] و قيل ايضاً ان معناه التوبيخ لأهل الكتاب بادعائهم عليهم خلاف الإسلام بغير حجة و لا برهان.
و قوله: «أَ أَنتُم أَعلَمُ أَمِ اللّهُ» صورته صورة الاستفهام و المراد به التوبيخ و مثله قوله: «أَ أَنتُم أَشَدُّ خَلقاً أَمِ السَّماءُ»[2].
و الأعلم و الأعرف و الادري بمعني واحد. و الاظلم و الأجور و الأعتي نظائر، فان قيل لم قال: «أَ أَنتُم أَعلَمُ أَمِ اللّهُ» و قد كانوا يعلمونه و كتموه، و انما ظاهر هذا الخطاب لمن لا يعلم، قلنا من قال: انهم كانوا علي ظن و توهم: فوجه الكلام علي قوله واضح. و من قال: كانوا يعلمون ذلک و انما كانوا يجحدونه يقول: معناه ان منزلتكم منزلة المعترض علي ما يعلم ان اللّه اخبر به فما ينفعه ذلک مع إقراره بان اللّه اعلم منه، و انه لا يخفي عليه شيء، لان ما دل علي انه اعلم هو الدال علي انه لا يخفي عليه شيء، و هو انه عالم لنفسه و يعلم جميع المعلومات.
و قوله تعالي: وَ مَن أَظلَمُ مِمَّن كَتَمَ، قيل في (من) في قوله: «من اللّه» ثلاثة اقوال:
أحدها- انها بمعني ابتداء الغاية، لان اللّه تعالي ابتدأ الشهادة في التوراة و الإنجيل بصحة النبوة لمحمد صلي اللّه عليه و آله، و يکون ابتداء الشهادة بأن الأنبياء كانوا علي الحنيفية، فهذه شهادة من الله عندهم.
و الثاني- كتمها من عباد الله.
و الثالث- ما حكاه البلخي: انه بمنزلة من أظلم ممن يجوز علي الفقير الضعيف من السلطان الغني القوي: أي فلا احد أظلم منه. و المعني انه يلزمكم ان لا أحد أظلم من الله، تعالي عن ذلک إذ ما يكتم ما فيه الغرور للعباد، ليوقعهم في الضلال و هو