حيث أخبر ان المكونات تكون عقيب (كن) لأن الفاء توجب التعقيب، فإذا كانت الأشياء محدثة، فما يتقدمها بوقت واحد لا يکون إلا محدثاً فبطل ما قالوه.
و ايضاً فانه قال: «إِذا قَضي أَمراً» و معناه خلق فبين انه يخلق الامر و قوله: «كن» أمر يوجب أن يکون محدثا. و دلت الآية علي نفي الولد عن اللّه من وجهين.
أحدهما- ان ألذي ابتدع السماوات و الإرض من غير مثال هو ألذي ابتدع المسيح من غير والد.
و الآخر- ان من هذه صفته، لا يجوز عليه اتخاذ الولد، کما لا يجوز صفات النقص عليه (تعالي) عن ذلک. و إذا حملنا الآية علي وجود المثال، فوجود الخلق هو كقوله: (كن) إلا انه خرج علي تقدير فعلين، کما يقال: إذا تكلم فلان بشيء، فإنما كلامه مباح، و إذا أمر بشيء فإنما هو حتم، و کما قال: تاب فاهتدي فتوبته هي اهتداؤه، فلا يتعذر أن يقال: كن قبله، أو معه. و متي حملنا ذلک علي انه علامة للملائكة فانه يحتمل ان يکون معه، و يحتمل ان يکون قبله. کما تقول: إذا قدم زيد، قدم عمرو. فانه يحتمل ان يکون وقتاً للأمرين معا إلا أنه أشبه الشرط، كقولك: ان جئتني أعطيتك. و لذلك دخلت الفاء في الجواب، کما تجيء في الشرط، كقوله: «إِن يَسرِق فَقَد سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِن قَبلُ»[1] و كذلك تحتمل الآية الامرين.
و رفع قوله: (فيكون) يحتمل أمرين: أحدهما- ان يکون عطفاً علي يقول.
و الآخر- علي الاستئناف أي فهو يکون. و نصبه علي جواب الامر، فلا يجوز، لأنه انما يجب الجواب بوجود الشرط. فما کان علي فعلين في الحقيقة، كقولك إ أتني فأكرمك، فالإتيان غير الإكرام، فأما (كن فيكون) فالكون الحاصل هو الكون المأمور به، و مثله انما أقول له ائتني، فيأتيني. و قال ابو علي الفارسي: يجوز ذلک