(ما يَفتَحِ اللّهُ لِلنّاسِ مِن رَحمَةٍ فَلا مُمسِكَ لَها) و الخير المذكور في الآية هو العمل الصالح ألذي يرضاه اللّه. و معني (تجدوه) اي تجدوا ثوابه. و كذا قال الربيع کما قال إبن نجا:
و سبحت المدينة لا تلمها[1]
اي سبحت اهل المدينة. و قوله: «إِنَّ اللّهَ بِما تَعمَلُونَ بَصِيرٌ» معناه انه لا يخفي عليه شيء من أعمالكم. جازاكم علي الإحسان بما تستحقونه من الثواب، و علي الاساءة بما تستحقونه من العقاب، فاعملوا عمل من يدري انه يجازيه من لا يخفي عليه شيء من عمله، ففي ذلک دلالة علي الوعد، و الوعيد، و الامر و الزجر، و ان کان خبرا عن غير ذلک في اللفظ.
وَ قالُوا لَن يَدخُلَ الجَنَّةَ إِلاّ مَن كانَ هُوداً أَو نَصاري تِلكَ أَمانِيُّهُم قُل هاتُوا بُرهانَكُم إِن كُنتُم صادِقِينَ (111)
آية بلا خلاف.
قوله: (هوداً) يريد يهودا فحذف الياء المزادة و وحد کان، لان لفظة (من) قد تكون للواحد و تكون للجماعة و العرب تقول: من کان صاحباك. و لا يجوز الوقف علي قوله: (و قالوا) بل يجب صلته بقوله: «لَن يَدخُلَ الجَنَّةَ» الآية. فان قيل كيف جمع بين اليهود و النصاري في الحكاية مع افتراق مقالتهما في المعني، و كيف يحكي عنهما ما ليس يقول لهما! قلنا: فعل ذلک للإيجاز و الاختصار و تقديره: قالت اليهود: لن يدخل الجنة الا من کان يهوديا، و قالت النصاري، لن يدخل الجنة الا من کان نصرانيا، فادرج الخبر عنهما للإيجاز من غير إخلال، إذ شهرة