و اختلفوا في كيفية النسخ علي أربعة أوجه:
- قال قوم: يجوز نسخ الحكم و التلاوة من غير افراد واحد منهما عن الآخر.
- و قال آخرون: يجوز نسخ الحكم دون التلاوة.
- و قال آخرون: يجوز نسخ القرآن من اللوح المحفوظ، کما ينسخ الكتاب من كتاب قبله.
- و قالت فرقة رابعة: يجوز نسخ التلاوة وحدها، و الحكم وحده، و نسخهما معاً- و هو الصحيح- و قد دلّلنا علي ذلک، و أفسدنا سائر الأقسام في العدة في اصول الفقه.
و ذلک ان سبيل النسخ سبيل سائر ما تعبد اللّه تعالي به، و شرّعه علي حسب ما يعلم من المصلحة فيه فإذا زال الوقت ألذي تكون المصلحة مقرونة به، زال بزواله.
و ذلک مشروط بما في المعلوم من المصلحة به، و هذا القدر كاف في إبطال قول من ابي النسخ- جملة- و استيفاؤه في الموضع ألذي ذكرناه.
و قد أنكر قوم جواز نسخ القرآن، و فيما ذكرناه دليل علي بطلان قولهم، و قد جاءت اخبار متظافرة بانه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها، فمنها ما روي عن أبي موسي: انهم كانوا يقرءون لو ان لابن آدم واديين من مال لابتغي اليهما ثالث، لا يملأ جوف إبن آدم إلا التراب. و يتوب اللّه علي من تاب. ثم رفع. و روي عن قتادة قال: حدثنا انس بن مالك أن السبعين من الأنصار الّذين قتلوا ببئر معونة:
- قرأنا فيهم كتابا- بلغوا عنّا قومنا انا لقينا ربنا، فرضي عنا و ارضانا، ثم ان ذلک رفع. و منها الشيخ و الشيخة- و هي مشهورة-. و منها ما روي عن أبي بكر انه قال: كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فانه كفر. و منها ما حكي: ان سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة- في الطول- و غير ذلک من الاخبار المشهورة بين اهل النقل. و الخبر علي ضربين:
أحدهما- يتضمن معني الامر بالمعروف- فما هذا حكمه- يجوز دخول