و قوله: «مُصَدِّقاً لِما بَينَ يَدَيهِ وَ هُديً وَ بُشري لِلمُؤمِنِينَ» يعني القرآن.
و نصب مصدقاً علي الحال. و الهاء في قوله: «نَزَّلَهُ عَلي قَلبِكَ» يا محمّد «مُصَدِّقاً لِما بَينَ يَدَيهِ» يعني القرآن، و يعني مصدقاً لما سلف من كتب اللّه امامه الّتي أنزلها علي رسله، و تصديقاً لها: موافقةً لمعانيها في الامر باتباع النبي (ص)، و ما جاء به من عند اللّه. و انما اضافه «هُديً وَ بُشري لِلمُؤمِنِينَ» من حيث كانوا المهتدين به، و العالمين العاملين به- علي ما بيناه فيما مضي.-
مَن كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبرِيلَ وَ مِيكالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِلكافِرِينَ (98)
و قد بينا اختلاف القراء في جبريل و ميكائيل- و ان كانا من جملة الملائكة- فإنما افردا بالذكر، لأجل أمرين:
أحدهما- ذكرا لفضلهما و منزلتهما. کما قال: «فِيهِما فاكِهَةٌ وَ نَخلٌ وَ رُمّانٌ»[1] و لما تقدم من فضلهما، و ان الآية نزلت فيهما، و فيما جري من ذكرهما.
و الثاني- ان اليهود لما قالت: جبريل عدونا، و ميكال و لينا، خصا بالذكر، لئلا يزعم اليهود ان جبريل و ميكال مخصوصان من جملة الملائكة، و غير داخلين في جملتهم، فنص اللّه تعالي عليهما، لابطال ما يتأوّلونه من التخصيص. ثم قال: «فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِلكافِرِينَ» و لم يقل فانه، فكرر اسم اللّه لئلا يظن ان الكناية راجعة الي جبرائيل، او ميكائيل. و لم يقل (لهم) لأنه يجوز ان ينتقلوا عن العداوة بالايمان. و في هذه الآية دلالة علي خطأ من قال من المجبرة: ان الامر ليس بمحدث احتجاجاً بقوله: «أَلا لَهُ الخَلقُ وَ الأَمرُ»[2] قالوا: فلما أفرد الامر بالذكر بعد ذكره الخلق دل علي ان الامر ليس بمخلوق. و لو کان الامر علي ما قالوه، لوجب ان لا يکون جبريل