إحسانا، حكاية، كأنه قال استحلفناهم لا يعبدون إلا اللّه، إذ قلنا لهم: و اللّه لو قالوا و اللّه لا تعبدون. و الاول أجود.
و قوله تعالي: «وَ بِالوالِدَينِ إِحساناً» عطف علي موضع أن المحذوفة في «تَعبُدُونَ إِلَّا اللّهَ وَ بِالوالِدَينِ إِحساناً» فرفع لا تعبدون، لما حذفت أن، ثم عطف بالوالدين علي موضعها: کما قال الشاعر:
معاوي اننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال و لا الحديدا[1]
فعطف[2] و لا الحديد علي موضع الجبال. و اما الإحسان فمنصوب بفعل مضمر يؤدي عن معناه، قوله[3] «و بالوالدين» إذ کان مفهوما معناه.
و تقدير الكلام و إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل بان لا تعبدوا إلا الله و ان تحسنوا الي الوالدين إحسانا. فاكتفي بقوله: «و بالوالدين» عن ان يقول بان تحسنوا الي الوالدين إحسانا، إذ[4] کان مفهوما بما ظهر من الكلام. و قال بعض اهل العربية: تقديره و بالوالدين فأحسنوا، فجعل الياء الّتي في الوالدين من صلة الإحسان مقدمة عليه. و قال آخرون: الا تعبدوا إلا الله و أحسنوا بالوالدين إحسانا، فزعموا ان الباء في و بالوالدين من صلة المحذوف. اعني من أحسنوا. فجعلوا ذلک من كلامين و الإحسان ألذي أخذ عليهم الميثاق بان يفعلوه الي الوالدين ما فرض علي امتثالهما من فعل المعروف، و القول الجميل، و خفض جناح الذل رحمة بهما، و التحنن عليهما، و الرأفة بهما، و الدعاء لهما بالخير، و ما أشبهه مما ندب الله تعالي الي الفعل بهما.
و قوله: «وَ ذِي القُربي» أي و بذي القربي ان تصلوا قرابة منهم، و رحمة.
و القربي مصدر علي وزن فعلي من قولك: قرب مني رحم فلان قرابة، و قربي و قربا بمعني واحد.