من يشك في ان موسي (ع) ما بيّن الحق. و قال عبد الرحمان: يريد انه حين بينها لهم، قالوا هذه بقرة فلان. الآن جئت بالحق و هو قول من جوز أنه قبل ذلک لم يجئ بالحق علي التفصيل- و إن أتي به علي وجه الجملة- و قوله: (فَذَبَحُوها وَ ما كادُوا يَفعَلُونَ) يحتمل أمرين:
أحدهما- كادوا لا يفعلون أصلا، لغلاء ثمنها، لأنه حكي عن إبن عباس و محمّد إبن كعب انهم اشتروها بملء جلدها ذهباً من مال المقتول. و قيل بوزنها عشر مرات.
و الثاني- ما قال عكرمة و وهب كادوا ألا يفعلوا خوفاً من الفضيحة علي أنفسهم في معرفة القاتل منهم، قال عكرمة ما کان ثمنها إلا ثلاثة دنانير.
و معني كاد: هم و لم يفعل. و لا يقال كاد أن يفعل. و انما يقال كاد يفعل، قال اللّه ما كادوا يفعلون قال الشاعر:
قد كاد من طول البلي ان يمصحا[1]
يقال مصح الشيء إذا فني و ذهب. يمصح مصوحاً. و انشد الاصمعي:
كادت النفس ان تفيض عليه إذ ثوي حشو ريطة و برود[2]
و لا يجيء منه إلا فعل يفعل و تثنيتها. و قال بعضهم: قد جاءت بمعني إيقاع الفعل لا بمعني الهم و القرب من إيقاعه، و انشد قول الأعشي:
قد كاد يسمو الي الجرباء و ارتفعا الجرباء: السماء: أي سما و ارتفع و قال ذو الرمة:
لو أن لقمان الحكيم تعرضت لعينيه ميّ سافراً كاد يبرق[3]
أي لو تعرضت لعينيه أي دهش و تحير. و روي عن أبي عبد اللّه السلمي انه قرأ لا ذلول بفتح اللام غير منون و ذلک لا يجوز لأنه ليس المراد النفي و انما المراد