سكران إذا امتلأ غضباً و سكراً. و كذلك قالوا: رحم فهو رحمان و خصوه به تعالي لما قلناه. و كذلك قالوا علم فهو عليم و رحم فهو رحيم و علي هذا الوجه لا يكونان للتكرار، كقولهم ندمان و نديم بل التزايد فيه حاصل و الاختصاص فيه بيَّن. و قيل في معني الرحيم: لا يكلف عباده جميع ما يطيقونه فان الملك لا يوصف بانه رحيم، إذا كلف عبيده جميع ما يطيقونه. ذكره ابو الليث و انما قدم الرحمن علي الرحيم لأن وصفه بالرحمن بمنزلة الاسم العلم، من حيث لا يوصف به إلا الله تعالي فصار بذلك كاسم العلم في انه يجب تقديمه علي صفته.
و ورد الأثر بذلك روي ابو سعيد الخدري عن النبي (ص) ان عيسي بن مريم قال: الرحمن رحمن الدنيا و الرحيم رحيم الآخرة.
و روي عن بعض التابعين انه قال: الرحمن بجميع الخلق و الرحيم بالمؤمنين خاصة
و وجه عموم الرحمن بجميع الخلق هو انشاؤه إياهم و جعلهم احياء قادرين و خلقه فيهم الشهوات، و تمكينهم من المشتهيات، و تعريضهم بالتكليف لعظيم الثواب، و وجه خصوص الرحيم بالمؤمنين، ما فعل اللّه تعالي بهم في الدنيا من الألطاف الّتي لم يفعلها بالكفار، و ما يفعله بهم في الآخرة من عظيم الثواب، فهذا وجه الاختصاص. و حكي عن عطاء أنه قال: الرحمن کان يختص اللّه تعالي به فلما تسمي مسيلمة بذلك صار الرحمن الرحيم مختصيّن به تعالي، و لا يجتمعان لأحد و هذا ألذي ذكره ليس بصحيح، لأن تسمي[1] مسيلمة بذلك لا يخرج الاسم من أن يکون مختصاً به تعالي، لأن المراد بذلك استحقاق هذه الصفة و ذلک لا يثبت لأحد، کما أنهم سمو أصنامهم آلهة و لم يخرج بذلك من أن يکون الاله صفة يختص بالوصف به.
و قال بعضهم إن لفظة الرحمن ليست عربية، و انما هي ببعض اللغات كقوله تعالي «بِالقِسطاسِ» فإنها بالرومية و استدل علي ذلک بقوله تعالي: «قالُوا وَ مَا الرَّحمنُ أَ نَسجُدُ لِما تَأمُرُنا»[2] إنكاراً منهم لهذا الاسم، حكي ذلک عن تغلب، و الصحيح