و قوله: من الشيطان. فالشيطان في اللغة کل متمرد من الجن و الانس و الدواب، و لذلك قال اللّه تعالي: «وَ كَذلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الإِنسِ وَ الجِنِّ»[1] فجعل من الانس شياطين، کما جعل من الجن. و انما سمي المتمرد شيطاناً، لمفارقة أخلاقه و أفعاله، أخلاق جميع جنسه و بعده من الخير. و قيل: هو مشتق من قولهم شطنت داري أي بعدت، و منه قول نابغة بني ذبيان:
نأت سعاد[2] عنك نويً شطون فبانت و الفؤاد بها رهين
و الشطون، البعيد فيكون شيطاناً علي هذا: فيعالا من شطن علي وزن بيطار و غيداق[3] قال امية بن أبي الصلت:
أيما شاطن[4] عصاه عكاه[5] ثم يلقي في السجن و الأكباد[6]
و لو کان مشتقاً من شاط، لقال: شائط. و لما قال: شاطن، علم أنه مشتق من شطن، و الشطن الحبل و أما الرجيم فهو فعيل بمعني مفعول كقولهم كف خضيب، و لحية دهين، و رجل لعين، يراد مخضوبة، و مدهونة، و ملعون و معني المرجوم المشتوم فكل مشتوم بقول ردي فهو مرجوم و أصل الرجم الرمي بقول کان أو بفعل و منه قوله تعالي «لَئِن لَم تَنتَهِ لَأَرجُمَنَّكَ»[7] و يجوز أن يکون الشيطان رجيما لأن اللّه طرده من سمائه و رجمه بالشهب الثاقبة.
و سورة الحمد مكية في قول قتادة و مدنية في قول مجاهد. و ليس فيها ناسخ و لا منسوخ.