و علي هذا يجوز أن يكفروا. و في النّاس من قال: استحقاقهم الثواب علي إيمانهم، مشروط بالموافاة. فإذا لم يوافوا به، لم يستحقوا الثواب. فعلي هذا أيضاً، يجوز أن يكونوا عارفين، و إن لم يكونوا مستحقين لثواب يبطل بالكفر. و المعتمد الأول. و قال قوم: الآية متوجهة إلي المنافقين منهم. و کان خلطهم الحق بالباطل ما أظهروا بلسانهم من الإقرار بالنبي (ص) بما يستبطنونه من الكفر. و هذا يمكننا الاعتماد عليه، و يکون قوله: «وَ أَنتُم تَعلَمُونَ» معناه أنكم تعلمون أنكم تظهرون خلاف ما تبطنونه. و هذا أسلم من کل وجه علي أصلنا. و يمكن أن يقال: معني قوله: «وَ أَنتُم تَعلَمُونَ» أي عند أنفسكم، لأنهم إذا كانوا يعتقدون أنهم عالمون بالتوراة، و بأنه من عند اللّه، و فيها ذكر النبي، فهم عالمون عند أنفسهم بنبوته، لكن يكابرون.
وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ اركَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ (43)
آية بلا خلاف.
الصلاة في أصل اللغة: الدعاء. قال الأعشي:
عليك مثل ألذي صليت فاغتمضي نوماً فان لجنب المرء مضطجعا
أي دعوت. و قال آخر:
و قابلها الريح في دنّها و صلي علي دنّها و ارتسم[1]
أي و دعا. و قيل: أصلها: اللزوم. من قول الشاعر:
لم أكن من جناتها علم اللّه و اني لحرها اليوم صال
أي ملازم لحرها. و کان معني الصلاة، ملازمة العبادة علي الحد ألذي أمر