نام کتاب : تفسير التبيان نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 16
ما قلناه من التوكيد، کما يقول القائل: كلمته بلساني، و نظرت اليه بعيني، و يقال بين زيد و بين عمرو، و انما البين واحد. و المراد بين زيد و عمرو. و قال الشاعر أوس بن الحجر:
أ لم تكسف الشمس شمس النها ر مع النجم و القمر الواجب[1]
و الشمس لا تكون إلا بالنهار، فأكد.
ذكرنا هذه الجملة تنبيهاً عن الجواب عما لم نذكره، و لعلنا نستوفيه فيما بعد إذا جري ما يقتضي ذكره و لو لا عناد الملحدين، و تعجرفهم، لما احتيج الي الاحتجاج بالشعر و غيره للشيء المشتبه في القرآن، لأن غاية ذلک أن يستشهد عليه ببيت شعر جاهلي، او لفظ منقول عن بعض الاعراب، أو مثل سائر عن بعض أهل البادية. و لا تكون منزلة النبي (ص)- و حاشاه من ذلک- أقل من منزلة واحد من هؤلاء. و لا ينقص عن رتبة النابغة الجعدي، و زهير بن الكعب و غيرهم. و من طرائف الأمور ان المخالف إذا أورد عليه شعر من ذكرناه، و من هو دونهم سكنت نفسه، و اطمأن قلبه. و هو لا يرضي بقول محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب. و مهما شك النّاس في نبوته، فلا مرية في نسبه، و فصاحته، فانه نشأ بين قومه الّذين هم الغاية القصوي في الفصاحة، و يرجع اليهم في معرفة اللغة. و لو کان المشركون من قريش و غيرهم وجدوا متعلقاً عليه في اللحن و الغلط و المناقضة، لتعلقوا به، و جعلوه حجة و ذريعة الي إطفاء نوره و إبطال أمره، و استغنوا بذلك عن تكلف ما تكلفوه من المشاق في بذل النفوس و الأموال. و لو فعلوا ذلک لظهر و اشتهر، و لكن حب الإلحاد و الاستثقال لتحمل العبادات، و الميل الي الفواحش أعماهم و أصمهم، فلا يدفع أحد من الملحدين- و ان جحدوا نبوته (ص)- انه اتي بهذا القرآن، و جعله حجةً لنفسه، و قرأه علي العرب. و قد علمنا انه ليس بأدون الجماعة في الفصاحة. و كيف يجوز ان يحتج بشعر الشعراء عليه، و لا يجوز أن يحتج بقوله عليهم و هل هذا إلا عناد محض، و عصبية صرف! و انما يحتج علماء