يجز أن يعني به إلا الجنس المعروف المباين لجنس الانس و الملائكة.
و الثالث- ان إبليس له نسل و ذرية. قال الحسن: إبليس ابو الجن کما أن آدم ابو الانس. و إبليس مخلوق من النار و الملائكة روحانيون خلقوا من الريح- في قول أبي علي- و قال الحسن: خلقوا من النار لا يتناسلون و لا يطعمون و لا يشربون. و قال اللّه في إبليس و ولده: (أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَولِياءَ مِن دُونِي وَ هُم لَكُم عَدُوٌّ).
و الرابع- و هو أقوي ما عنده- قوله تعالي: «جاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجنِحَةٍ مَثني وَ ثُلاثَ وَ رُباعَ» فعمها بالوصف بالرسالة. و لا يجوز علي رسل اللّه أن يكفروا أو يفسقوا كالرسل من البشر.
و الجواب عما ذكره أولا: إن قوله: «لا يَعصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُم» صفة لخزنة النيران، لا جميع الملائكة. يدل علي ذلک قوله: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَ أَهلِيكُم ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَ الحِجارَةُ عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُم وَ يَفعَلُونَ ما يُؤمَرُونَ»[1]. و ليس إذا کان هؤلاء معصومين وجب ذلک في جميعهم.
و الجواب عما ذكره ثانيا: ان قوله: کان من الجن معناه صار. ذكر ذلک الأخفش و جماعة من اهل اللغة. و قيل ايضاً: إن إبليس کان من طائفة من الملائكة يسمون جنا من حيث كانوا خزنة الجنة. و قيل سموا بذلك لاختفائهم عن العيون. کما قال اعشي قيس بني ثعلبة:
و لو کان شيء خالداً أو معمراً لكان سليمان البريء من الدهر
براه إلهي و اصطفاه عباده و ملكه ما بين ثريا الي مصر
و سخر من جن الملائك تسعة قياماً لديه يعملون بلا أجر[2]
و قد قال اللّه تعالي: «وَ جَعَلُوا بَينَهُ وَ بَينَ الجِنَّةِ نَسَباً»[3]، لأن قريشاً