و دلهم بذلك علي أن عليهم الرضا و التسليم لقضاء اللّه، لأن اللّه يعلم من الغيب ما لا يعلمونه، و يعلم من مصالحهم ما لا يعلمونه في دينهم و دنياهم فان قيل و أي شيء في تعلم آدم الأسماء كلها مما يدل علي علم الغيب قلنا: لأنه علمه الأسماء كلها بما فيها من المعاني الّتي تدل عليها علي جهة فتق لسانه بذلك و الهامه إياه و هي معجزة أقامها اللّه تعالي للملائكة تدل علي جلالته و ارتفاع قدره بما اختصه به من العلم العظيم ألذي لا يصل اليه إلا بتعليم اللّه إياه، فبان بذلك الاعجاز بالاطلاع علي ما لا سبيل الي علمه إلا من علام الغيوب. ففيه من المعجزة أنه فتق لسانه بها علي خلاف مجري العادة، و أنه علمه من لطائف الحكمة فيه ما لا تعلمه الملائكة مع كثرة علومها، و انها اعرف الخلق بربها فعرفوا ما دلهم علي علم الغيب بالمعجزة مؤكداً لما يعلمونه من ذلک بالادلة العقلية. و لذلك نبههم فقال: «أَ لَم أَقُل لَكُم إِنِّي أَعلَمُ غَيبَ السَّماواتِ وَ الأَرضِ» اي قد دللتكم علي ذلک من قبل و هذه دلالة بعد و قيل: افتتح اللّه الدلالة علي الاعجاز بالكلام في آدم، ثم ختم به في محمّد (ص)
وَ إِذ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبلِيسَ أَبي وَ استَكبَرَ وَ كانَ مِنَ الكافِرِينَ (34)
آية واحدة.
ضم التاء من الملائكة ابو جعفر وحده و حيث وقع اتبع التاء ضمة الجيم.
و قيل: انه نقل ضمة الهمزة و ابتدا بها و الأول أقوي، لأن الهمزة الف وصل تسقط في الدرج فلا يبقي فيها حركة تنقل فالوجه الاول هو المعتمد عليه و الصحيح ما عليه القراء من كسر التاء بلام الجر و «إبليس» نصب بالاستثناء من الإثبات و يكره الوقف علي قوله: «فسجدوا» و علي «إلا) حتي يقول: «إلا إبليس) و كذلك کل استثناء