علي لغتهم- خبر ضعيف و أيضاً فلا يجوز أن ينسي العاقل ما کان في امسه من جلائل الأمور مع سلامة عقله. قالوا: و اللغات جميعاً إنما سمعت من آدم، و عنه أخذت و قال إبن الإخشيد: إن اللّه فتق لسان إسماعيل بالعربية و لذلك صار أصلا للعرب من ولده، لأنه تكلم بها علي خلاف النشوء و العادة، بل علي أنه ابتدأه بها و ألهمه إياها. فان قيل: ما معني قوله: «أَنبِئُونِي بِأَسماءِ هؤُلاءِ إِن كُنتُم صادِقِينَ» ما ألذي ادعي حتي قيل هذا! قيل عن ذلک اجوبة كثيرة للعلماء.
أحدها- ان الملائكة لما أخبرهم اللّه عز و جل أنه جاعل في الإرض خليفة هجس في نفوسها أنه لو کان الخليفة منهم بدلا من آدم و ذريته، لم يكن فساد و لا سفك دماء. کما يکون من ولد آدم، و ان ذلک أصلح لهم و ان کان اللّه عز و جل لا يفعل إلا ما هو أصلح في التدبير، و الأصوب في الحكمة. فقال اللّه تعالي:
«أَنبِئُونِي بِأَسماءِ هؤُلاءِ إِن كُنتُم صادِقِينَ» فيما ظننتم في هذا المعني ليدلهم علي أنهم إذا لم يعلموا باطن ما شاهدوا، كانوا من أن يعلموا باطن ما غاب عنهم أبعد و الثاني- أنه وقع في نفوسهم أنه لم يخلق اللّه خلقاً إلا كانوا أفضل منهم في سائر أبواب العلم. فقيل: إن كنتم صادقين في هذا الظن فأخبروا بهذه الأسماء.
و الثالث- قال إبن عباس: إن كنتم تعلمون لم أجعل في الإرض خليفة ف «أَنبِئُونِي بِأَسماءِ هؤُلاءِ إِن كُنتُم صادِقِينَ» لأن کل واحد من الأمرين من علم الغيب. فكما لا تعلمون ذا لا تعلمون الآخر.
و الرابع- ما ذكره الأخفش و الجبائي و إبن الأخشيد: إن كنتم صادقين فيما تخبرون به من اسمائهم. كقول القائل للرجل: أخبرني بما في يدي إن كنت صادقاً أي إن كنت تعلم فأخبر به، لأنه لا يمكن أن يصدق في مثل ذلک إلا إذا أخبر عن علم منه، و لا يصح أن يكلف ذلک إلا مع العلم به، و لا بد إذا استدعوا الي الاخبار عما لا يعلمون من أن يشرط بهذا الشرط، و وجه ذلک التنبيه کما يقول العالم للمتعلم: ما تقول في كذا، و يعلم أنه لا يحسن الجواب لينبهه عليه، و بحثه علي طلبه، و البحث عنه، فلو قال له: اخبر بذلك إن كنت تعلم، او قال له: