من العلم في القلب. کما يکون معلماً بذلك. و قوله: «ثُمَّ عَرَضَهُم عَلَي المَلائِكَةِ» إنما لم يقل: ثم عرضها، إذ كانت الأسماء لا تعقل، لأنه أراد أصحاب الأسماء و فيهم ما لا يعقل. کما تغلب المذكر إذا اجتمع مع المؤنث، لأنهم يقولون: إن أصحابك و إماءك جاءوني. و روي عن إبن عباس أنه قال: عرض الخلق. و قال مجاهد: عرض أصحاب الأسماء.
و قوله: «وَ عَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ كُلَّها» معناه أنه علمه معاني الأسماء، من قبل أن الأسماء بلا معان لا فائدة فيها، و لا وجه لايثاره الفضيلة بها. و قد نبه اللّه الملائكة علي ما فيه من لطيف الحكمة، فأقروا عند ما سئلوا عن ذكرها و الاخبار عنها أنهم لا علم لهم بها. فقال: «يا آدَمُ أَنبِئهُم بِأَسمائِهِم». و قول قتادة، و ظاهر العموم يقتضي أنه علمه الأسماء. و به قال إبن عباس و مجاهد و سعيد بن جبير و قتادة. و أكثر المتأخرين: كالبلخي و الجبائي و إبن الإخشيد و الرماني و قال الطبري بما يحكي عن الربيع و إبن زيد: انهما قالا: علمه اللّه اسماء ذريته و اسماء الملائكة و قال هو الاختيار دون قول إبن عباس. و قال: إن قولهم: «عرضهم» إنما يکون لمن يعقل في الأظهر من كلام العرب و هذا غلط لما بيناه من التغليب و حسنه. کما قال تعالي: «وَ اللّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن ماءٍ فَمِنهُم مَن يَمشِي عَلي بَطنِهِ وَ مِنهُم مَن يَمشِي عَلي رِجلَينِ وَ مِنهُم مَن يَمشِي عَلي أَربَعٍ»[1] و هذا يبطل ما قاله، و يبقي اللفظ علي عموم و ظاهر الآية و عمومها يدل علي انه علمه جميع اللغات و به قال الجبائي و الرماني فأخذ عنه ولده اللغات فلما تفرقوا، تكلم کل قوم منهم بلسان ألفوه و اعتادوه و تطاول الزمان علي ما خالف ذلک فنسوه و يجوز أن يكونوا عالمين بجميع تلك اللغات الي زمن نوح فلما أهلك جميع الخلائق إلا نوحاً و من معه، كانوا هم العارفين بتلك اللغات فلما كثروا و تفرقوا اختار کل قوم منهم لغة تكلموا بها، و تركوا ما سواها، و انقرض و نسوه. و الخبر ألذي يروي أن النّاس امسوا و لغتهم واحدة ثم أصبحوا و قد تغيرت ألسنتهم و کان لا يعرف کل فريق منهم إلا كلام من کان