هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم ما فِي الأَرضِ جَمِيعاً ثُمَّ استَوي إِلَي السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ (29)
آية بلا خلاف.
(هو) كناية عن اللّه عز و جل في قوله: «تَكفُرُونَ بِاللّهِ» و أراد به تأكيد الحجة فقال: «كَيفَ تَكفُرُونَ بِاللّهِ» ألذي أحياكم بعد موتكم «ثُمَّ يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحيِيكُم ثُمَّ إِلَيهِ تُرجَعُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم ما فِي الأَرضِ» يعني ألذي في الإرض.
و (ما) في موضع نصب، لأن الإرض و جميع ما فيها نعمة من الله لخلقه:
اما دينية فيستدلون بها علي معرفته، و إما دنيوية فينتفعون بها بضروب النفع عاجلا و قوله: ثُمَّ استَوي إِلَي السَّماءِ فيه وجوه:
أحدها- ما قاله الفراء: من ان معناه اقبل عليها. کما يقول القائل: کان فلان مقبلا علي فلان يشتمه، ثم استوي الي يشتمني، و استوي عليّ يشاتمني قال الشاعر:
أقول و قد قطعن بنا شروري ثواني و استوين من الضجوع[1]
أي أقبلن و خرجن من الضجوع و قال قوم: ليس معني البيت ما قاله و انما معناه استوين علي الطريق من الضجوع خارجات[2] بمعني استقمن عليه. و قال قوم: معني استوي: قصدها لتسويتها كقول القائل: قام الخليفة يدبر أمر بني تميم، ثم استوي و تحول الي بني ربيعة، فأعطاهم و قسم لهم اي قصد اليه. و يقال مر فلان مستوياً الي موضع كذا و لم يعدل اي قصد اليها. و قال قوم:
معني استوي اي استولي علي السماء بالقهر کما قال: «لِتَستَوُوا عَلي ظُهُورِهِ»[3] أي تقهروه و منه قوله تعالي: «وَ لَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ استَوي»[4] أي تمكن من أمره