ثبتت حجة الله عليهم.
و معني (و كنتم) أي و قد كنتم. الواو واو الحال. و إضمار قد جائز إذا کان في الكلام ما يدل عليها. کما قال: «حَصِرَت صُدُورُهُم» أي قد حصرت صدورهم و کما قال: «إِن كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ» أي قد قُدّ من دبر. و من قال هو توبيخ قال هو مثل قوله: «فَأَينَ تَذهَبُونَ». و قال قتادة: و كنتم أمواتاً فأحياكم کما كانوا أمواتاً في أصلاب آبائهم يعني نطفاً، فأحياهم الله بأن أخرجهم ثم أماتهم اللّه الموتة الّتي لا بد منها، ثم أحياهم بعد الموت. و هما حياتان و موتان و عن إبن عباس و إبن مسعود أن معناه لم تكونوا شيئاً فخلقكم، ثم يميتكم، ثم يحييكم يوم القيامة. و روي ابو الأحوص عن عبد الله في قوله: «أَمَتَّنَا اثنَتَينِ وَ أَحيَيتَنَا اثنَتَينِ» قال: هي كالتي في (البقرة): «كُنتُم أَمواتاً فَأَحياكُم ثُمَّ يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحيِيكُم» و هو قول مجاهد و جماعة من المفسرين. و روي عن أبي صالح أنه قال: كنتم أمواتاً في القبور فأحياكم فيها، ثم يميتكم، ثم يحييكم يوم القيامة و قال قوم: كنتم أمواتاً يعني خاملي الذكر، دارسي الأثر، فأحياكم بالطهور و الذكر ثم يميتكم عند تقضي آجالكم ثم يحييكم للبعث قال ابو نخيلة السعدي:
فأحييت من ذكري و ما کان خاملا و لكن بعض الذكر أنبه من بعض
و هذا وجه مليح غير أن الأليق بما تقدم قول إبن عباس و قتادة. و قال قوم: معناه أن الله تعالي أحياهم حين أخذ الميثاق منهم و هم في صلب آدم و كساهم العقل ثم أماتهم ثم أحياهم و أخرجهم من بطون أمهاتهم. و قد بينا أن هذا الوجه ضعيف في نظائره، لأن الخبر الوارد بذلك ضعيف و الأقوي في معني الآية أن يکون المراد بذلك تعنيف الكفار و اقامة الحجة عليهم بكفره و جحودهم ما أنعم الله تعالي عليهم و انهم كانوا أمواتاً قبل ان يخلقوا في بطون أمهاتهم و أصلاب آبائهم يعني نطفاً و النطفة موات، ثم أحياهم فأخرجهم الي دار الدنيا احياء، ثم يحييهم في القبر للمساءلة، ثم يبعثهم يوم القيامة للحشر و الحساب و هو قوله تعالي: «ثُمَّ إِلَيهِ تُرجَعُونَ» معناه ترجعون للمجازاة علي الاعمال كقول القائل: طريقك عليّ