المنخفضة. کما يصير كذلك إذا امتلأ الإناء ألذي فيه الماء. و هذا لا يدل علي ما قاله، لأن قول من قال الإرض كروية، معناه إن لجميعها شكل الكرة.
و قوله: «وَ أَنتُم تَعلَمُونَ» يتحمل أمرين:
أحدهما- إنكم تعلمون أنه لا خالق لكم، و لا منعم بما عدده من انواع النعيم سوي اللّه. و إن من أشركتم به لا يضر و لا ينفع.
و الثاني- إنه أراد، و أنتم علماء بأمور معايشكم، و تدبير حروبكم، و مضاركم و منافعكم. لستم باغفال و لا جهال.
وَ إِن كُنتُم فِي رَيبٍ مِمّا نَزَّلنا عَلي عَبدِنا فَأتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثلِهِ وَ ادعُوا شُهَداءَكُم مِن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُم صادِقِينَ (23)
آية بلا خلاف.
هذه الآية فيها احتجاج للّه تعالي لنبيه محمّد (صلي اللّه عليه و آله) علي مشركي قوم من العرب و المنافقين، و جميع الكفار من أهل الكتابين، و غيرهم، لأنه خاطب أقواماً عقلاء ألباء[1] في الذروة العليا من الفصاحة، و الغاية القصوي من البلاغة و اليهم المفزع في ذلک. فجاءهم بكلام من جنس كلامهم و جعل عجزهم من مثله حجة عليهم، و دلالة علي بطلان قولهم. و وبخهم، و قرعهم و امهلهم المدة الطويلة. و قال لهم: «فَأتُوا بِعَشرِ سُوَرٍ مِثلِهِ مُفتَرَياتٍ»[2]، ثم قال: «فَأتُوا بِسُورَةٍ مِثلِهِ»[3] و قال في موضع آخر: «بِسُورَةٍ مِن مِثلِهِ». و خبرهم أن عجزهم، إنما هو عن النظير و الجنس، مع أنه ولد بين أظهرهم و نشأ معهم، و لم يفارقهم في سفر و لا حضر. و هو من لا يخفي عليهم حاله لشهرته و موضعه. و هم اهل الحمية و الانفة يأتي الرجل منهم بسبب كلمة علي القبيلة، فبذلوا أموالهم و نفوسهم في إطفاء أمره و لم يتكلفوا معارضته