ونحن نرى النصارى وأعداء الاسلام ، يبذلون
الاموال الطائلة في الحط من كرامة هذا الدين ، والنيل من نبيه الاعظم ، وكتابه
المقدس ، ويتكرر هذا العمل منهم في كل عام بل في كل شهر. فلو كان من الميسور لهم
أن يعارضوا القرآن ، ولو بمقدار سورة منه ، لكان هذا أعظم لهم في الحجة ، وأقرب
لحصول الامنية ، ولما احتاجوا إلى صرف هذه الاموال ، وإتعاب النفوس.
على أن من مارس كلاما بليغا ، وبالغ في
ممارسته زمانا ، أمكنه أن يأتي بمثله أو بما يقاربه في الاسلوب ، وهذا مشاهد في
العادة ، ولا يجري مثل هذا في القرآن ، فإن كثرة ممارسته ودراسته ، لا تمكن
الانسان من مشابهته في قليل ولا كثير ، وهذا يكشف لنا أن للقرآن اسلوبا خارجا عن
حدود التعليم والتعلم ، ولو كان القرآن من كلام الرسول وإنشائه ، لوجدنا في بعض
خطبه وكلماته ما يشبه القرآن في اسلوبه ، ويضارعه في بلاغته. وكلمات الرسول (ص)
وخطبه محفوظة مدونة تختص باسلوب آخر. ولو كان في كلماته ما يشبه القران لشاع نقله
وتدوينه ، وخصوصا من أعدائه الذين يريدون كيد الاسلام بكل وسيلة وذريعة. مع أن
للبلاغة المألوفة حدودا لا تتعداها في الاغلب ، فإنا نرى البليغ العربي الشاعر أو
الناثر تختص بلاغته في جهة واحدة ، أو جهتين أو ثلاث جهات ، فيجيد في الحماسة مثلا
دون المديح ، أو في الرثاء دون النسيب ، والقرآن قد استطرد مواضيع عديدة ، وتعرض
لفنون من