فقال : إني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا [١].
ولا شبهة في ثبوت قولهم عليهالسلام إذا دل عليه طريق قطعي لا شك فيه كما
أنه لا شبهة في عدم ثبوته إذا دل عليه خبر ضعيف غير جامع لشرائط الحجية ، وهل يثبت
بطريق ظني دل على اعتباره دليل قطعي؟ فيه كلام بين الاعلام.
وقد يشكل :
في حجية خبر الواحد الثقة إذا ورد عن
المعصومين عليهمالسلام في تفسير
الكتاب ، ووجه الاشكال في ذلك أن معنى الحجية التي ثبتت لخبر الواحد ، أو لغيره من
الادلة الظنية هو وجوب ترتيب الاثار عليه عملا في حال الجهل بالواقع ، كما تترتب
على الواقع لو قطع به ، وهذا المعنى لا يتحقق إلا إذا كان مؤدى الخبر حكما شرعيا ،
أو موضوعا قد رتب الشارع عليه حكما شرعيا ، وهذا الشرط قد لا يوجد في خبر الواحد
الذي يروى عن المعصومين في التفسير.
وهذا الاشكال :
خلاف التحقيق ، فإنا قد أوضحنا في مباحث
علم الاصول أن معنى الحجية في الامارة الناظرة إلى الواقع هو جعلها علما تعبديا في
حكم الشارع ، فيكون الطريق المعتبر فردا من أفراد العلم ، ولكنه فرد تعبدي لا
وجداني فيترتب عليه كلما يترتب على القطع من الاثار ، فيصح الاخبار على طبقه كما
يصح أن يخبر على طبق العلم الوجداني ، ولا يكون من القول بغير علم.
ويدلنا على ذلك سيرة العقلاء ، فإنهم
يعاملون الطريق المعتبر معاملة العلم الوجداني من غير فرق بين الاثار ، فإن اليد
مثلا امارة عند العقلاء على مالكية
[١] يأتي بعض مصادر
الحديث في التعليقة رقم (١) من قسم التعليقات من هذا الكتاب وفي كنز العمال ـ باب
الاعتصام بالكتاب والسنة ج ١ ص ١٠٣ و ٣٣٢ طبعة دائرة المعارف العثمانية ـ الشئ
الكثير من طرق هذه الرواية.