طريق تكاملهم ، وحصولهم
على السعادة الكبرى ، والتجارة الرابحة. فإذا لم يكلفهم الله سبحانه ، فإما أن
يكون ذلك لعدم علمه بحاجتهم إلى التكليف ، وهذا جهل يتنزه عنه الحق تعالى ، وإما
لان الله أراد حجبهم عن الوصول إلى كمالاتهم ، وهذا بخل يستحيل على الجواد المطلق
، وإما لانه أراد تكليفهم فلم يمكنه ذلك ، وهو عجز يمتنع على القادر المطلق ، وإذن
فلا بد من تكليف البشر ، ومن الضروري أن التكليف يحتاج إلى مبلغ من نوع البشر
يوقفهم على خفي التكليف وجليه :
ومن الضروري أيضا أن السفارة الالهية من
المناصب العظيمة التى يكثر لها المدعون ، ويرغب في الحصول عليها الراغبون ، ونتيجه
هذا أن يشتبه الصادق بالكاذب ، ويختلط المضل بالهادي. وإذن فلا بد لمدعي السفارة
أن يقيم شاهدا واصحا يدل على صدقه في الدعوى ، وأمانته في التبليغ ، ولا يكون هذا
الشاهد من الافعال العادية التي يمكن غيره أن يأتي بنظيرها ، فينحصر الطريق بما
يخرق النواميس الطبيعية.
وإنما يكون الاعجاز دليلا على صدق
المدعي ، لان المعجز فيه خرق للنواميس الطبيعية ، فلا يمكن أن يقع من أحد إلا
بعناية من الله تعالى ، وإقدار منه ، فلو كان مدعي النبوة كاذبا في دعواه ، كان
إقداره على المعجز من قبل الله تعالى إغراء بالجهل وإشادة بالباطل ، وذلك محال على
الحكيم تعالى. فإذا ظهرت المعجزة على يده كانت دالة على صدقه ، وكاشفة عن رضا الحق
سبحانه بنبوته.
وما ذكرناه قاعدة مطردة يجري عليها
العقلاء من الناس فيما بشبه هذه الامور ، ولا يشكون فيها أبدا ، فإذا ادعى أحد من
الناس سفارة عن ملك