منها أن القراءة في
المصحف سبب لحفظ البصر من العمى والرمد ، أو يراد منها أن القراءة في المصحف سبب
لتمتع القارئ بمغازي القرآن الجليلة ونكاته الدقيقة ، لان الانسان عند النظر إلى
ما يروقه من المرئيات تبتهج نفسه ، ويجد انتعاشا في بصره وبصيرته. وكذلك قارئ القرآن
إذا سرح بصره في ألفاظه ، وأطلق فكره في معانيه وتعمق في معارفه الراقية وتعاليمه
الثمينة يجد في نفسه لذة الوقوف عليها ، ومتعة الطموح إليها ، ويشاهد هشة من روحه
وتطلعا من قلبه.
وقد أرشدتنا الاحاديث الشريفة إلى فضل
القراءة في البيوت. ومن أسرار ذلك إذاعة أمر الاسلام ، وانتشار قراءة القرآن ، فإن
الرجل إذا قرأه في بيته قرأته المرأة ، وقرأه الطفل ، وذاع أمره وانتشر. أما إذا
جعل لقراءة القرآن أماكن مخصوصة فإن القراءة لا تتهيأ لكل أحد ، وفي كل وقت ، وهذا
من أعظم الاسباب في نشر الاسلام. ولعل من أسراره أيضا إقامة الشعار الالهي ، إذا
ارتفعت الاصوات بالقراءة في البيوت بكرة وعشيا ، فيعظم أمر الاسلام في نفوس
السامعين لما يعروهم من الدهشة عند ارتفاع أصوات القراء في مختلف نواحي البلد.
ومن آثار القراءة في البيوت ما ورد في
الاحاديث :
« إن البيت الذى
يقرأ فيه القرآن ويذكر الله تعالى فيه تكثر بركته ، وتحضره الملائكة ، وتهجره
الشياطين ، ويضئ لاهل السماء كما يضئ الكوكب الدري لاهل الارض ، وان البيت الذي
لا يقرأ فيه القرآن ، ولا يذكر الله تعالى فيه تقل بركته ، وتهجره الملائكة ،
وتحضره الشياطين » [١].