ولا شبهة في أن المراد بالذكر في هذه
الاية هو القرآن ، فتكون قرينة على أن المراد من الذكر في آية الحفظ هو القرآن
أيضا.
الثاني : أن يراد من حفظ القرآن صيانته
عن القدح فيه ، وعن إبطال ما يتضمنه من المعاني العالية ، والتعاليم الجليلة.
وهذا الاحتمال أبين فساد من الاول : لان
صيانته عن القدح إن أريد بها حفظه من قدح الكفار والمعاندين فلا ريب في بطلان ذلك
، لان قدح هؤلاء في القرآن فوق حد الاحصاء. وان أريد أن القرآن رصين المعاني ، قوي
الاستدلال مستقيم الطريقة ، وأنه لهذه الجهات ونحوها أرفع مقاما من أن يصل إليه
قدح القادحين ، وريب المرتابين فهو صحيح ولكن هذه ليس من الحفظ بعد التنزيل كما
تقوله الاية ، لان القرآن بما له من الميزات حافظ لنفسه ، وليس محتاجا إلى حافظ
آخر ، وهو غير مفاد الاية الكريمة ، لانها تضمنت حفظه بعد التنزيل.
الثالث : أن الاية دلت على حفظ القرآن
في الجملة ، ولم تدل على حفظ كل فرد من أفراد القرآن ، فإن هذا غير مراد من الاية
بالضرورة وإذا كان المراد حفظه في الجملة ، كفى في ذلك حفظه عند الامام الغائب عليهالسلام.
وهذا الاحتمال أوهن الاحتمالات : لان
حفظ القرآن يجب أن يكون عند من انزل إليهم وهم عامة البشر ، أما حفظه عند الامام عليهالسلام فهو نظير حفظه في