الثالث : أن يكون معناها أن حوادث الامم
السابقة تجري بعينها في هذه الامة ، فهي بمعنى قوله تعالى : (
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ) ٨٤ : ١٩ ، وبمعنى الحديث المأثور عن النبي صلىاللهعليهوآله لتركبن سنن من قبلكم [١].
أما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: من تركه من جبار قصمه الله فلعل فيه ضمانا بحفظ القرآن عن تلاعب الجبارين ، بحيث
يؤدي ذلك إلى ترك تلاوته وترك العمل به ، والى جمعه من أيدي الناس كما صنع بالكتب
الالهية السابقة [٢]
فتكون إشارة إلى حفظ القرآن من التحريف. وسنبحث عنه مفصلا. وهذا أيضا هو معنى قوله
في الحديث : لا تزيغ به الاهواء بمعنى لا تغيره عما هو عليه ، لان معاني القرآن قد
زاغت بها الاهواء فغيرتها. وسنبين ذلك مفصلا عند تفسير الآيات إن شاء الله تعالى.
وأشار الحديث إلى أن الامة لو رجعوا إلى
القرآن في خصوماتهم ، وما يلتبس عليهم في عقائدهم وأعمالهم لاوضح لهم السبيل.
ولوجدوه الحكم العدل ، والفاصل بين الحق والباطل.
نعم ، لو أقامت الامة حدود القرآن ، واتبعت
مواقع إشاراته وإرشاداته ، لعرفت لحق وأهله ، وعرفت حق العترة الطاهرة الذين جعلهم
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قرناء
الكتاب ، وأنهم الخليفة الثانية على الامة من بعده [٣] ولو استضاءت الامة بأنوار معارف القرآن
، لامنت العذاب الواصب ، ولما تردت في العمى ، ولا غشيتهم حنادس الضلال ، ولا عال
سهم من فرائض الله ، ولا زلت قدم عن الصراط السوي ، ولكنها أبت إلا الانقلاب على
الاعقاب ، واتباع الاهواء ، والانضواء
[١] ورد هذا اللفظ
في كنز العمال ج ٦ ص ٤٠ ، من حديث سهل بن سعد. انظر بقية المصادر في قسم التعليقات
رقم (٣).
[٢] راجع الهدى إلى
دين المصطفى ج ١ ص ٣٤ ، لآية الله الحجة الشيخ محمد جواد البلاغي.
[٣] تقدم مصادر حديث
الثقلين في ص ٢٦ رقم (٢) ، وفي بعض نصوصه تصريح بأن القرآن والعترة خليفتا الرسول
ص.