ـ ص ـ يدا بيد. فالتحريك بالزيادة والنقيصة إنما
وقع في تلك المصاحف التي انقطعت بعد عهد عثمان ، وأما القرآن الموجود فليس فيه
زيادة ولا نقيصة.
وجملة القول : إن من يقول بعدم تواتر
تلك المصاحف ـ كما هو الصحيح ـ فالتحريف بهذا المعنى وإن كان قد وقع عنده في الصدر
الاول إلا أنه قد انقطع في زمان عثمان ، وانحصر المصحف بما ثبت تواتره عن النبي
(ص) وأما القائل بتواتر المصاحف بأجمعها ، فلا بد له من الالترام بوقوع التحريف
بالمعنى المتنازع فيه في القرآن المنزل ، وبضياع شيء منه. وقد مر عليك تصريح
الطبري ، وجماعة آخرين بإلغاء عثمان للحروف الستة التي نزل بها القرآن ، واقتصاره
على حرف واحد [١].
الرابع : التحريف بالزيادة والنقيصة في
الاية والسورة مع التحفظ على القرآن المنزل ، والتسالم على قراءة النبي (ص) إياها.
والتحريف بهذا المعنى أيضا واقع في
القرآن قطعا. فالبسملة ـ مثلا ـ مما تسالم المسلمون على أن النبي (ص) قرأها قبل كل
سورة غير سورة التوبة وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنة ، فاختار
جمع منهم أنها ليست من القرآن ، بل ذهبت المالكية إلى كراهة الاتيان بها قبل قراءة
الفاتحة في الصلاة المفروضة ، إلا إذا نوى به المصلي الخروج من الخلاف ، وذهب
جماعة اخرى إلى أن البسملة من القرآن.
وأما الشيعة فهم متسالمون على جزئية
البسملة من كل سورة غير سورة التوبة ، واختار هذا القول جماعة من علماء السنة أيضا
ـ وستعرف تفصيل ذلك عند تفسيرنا سورة الفاتحة ـ وإذن فالقرآن المنزل من السماء قد
وقع فيه التحريف يقينا ، بالزيادة أو بالنقيصة.
[١] في موضع نزول
القرآن على سبعة أحرف ص ١٩٦ من هذا الكتاب.