ونحّوا ثيابهم وتمرّغوا على
التراب وطرحوا التراب على رؤوسهم وقالوا لأصنامهم: لئن لم تجبن صالحا اليوم
لتفضحّن، قال: ثم دعوه فقالوا: يا صالح أدعها، فدعاها فلم تجبه، فقال لهم: يا قوم
قد ذهب صدر النهار ولا أرى آلهتكم تجيبوني فاسألوني حتى أدعو إلهى فيجيبكم الساعة
فانتدب له[1] منهم سبعون رجلا من كبرائهم
والمنظور اليهم منهم، فقالوا: يا صالح نحن نسألك فان أجابك ربّك إتبّعناك وأجبناك
ويبايعك جميع أهل قريتنا، فقال لهم صالح عليه السلام: سلوني ما شئتم فقالوا: تقدم
بنا الى هذا الجبل وكان الجبل قريباً منهم. فانطلق معهم صالح فلما انتهوا إلى
الجبل قالوا: يا صالح ادع لنا ربك يخرج لنا من هذا الجبل الساعة ناقة حمراء شقراء
وبراء عُشْراء[2] بين جنبيها ميل، فقال لهم
صالح: لقد سألتموني شيئاً يعظم علّي ويهون على ربّي جلّ وعزّ قال: فسأل اللَّه
تعالى صالح ذلك فانصدع الجبل صدعا[3] كادت تطير منه عقولهم لمّا
سمعوا ذلك، ثم اضطرب ذلك الجبل إضطراباً شديداً كالمرأة اذا أخذها المخاض، ثم لم
يفجأهم إلّا رأسها[4] قد طلع عليهم من ذلك الصدع
فما استتّمت رقبتها حتى إجترّت[5] ثم خرج سائر جسدها ثم استوت
قائمة على الأرض فلمّا راؤا ذلك قالوا: يا صالح ما اسرع ما أجابك ربّك، ادع لنا
ربك يخرج لنا فصيلها[6] فسأل اللَّه عزوّجل ذلك فرمت
به فدبّ حولها فقال لهم: يا قوم أبقي شيء؟ قالوا:
لا
انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم بما رأينا ويؤمنون بك قال: فرجعنوا فلم يبلغ السبعون
اليهم حتى ارتّد منه أربعة وستون رجلًا وقالوا: سحر وكذب، قالوا: فانتهوا الى
الجميع[7] فقال
الستة: حق وقال الجميع: كذب، سحر، قال: فانصرفوا على ذلك، ثم ارتاب من الستة واحد
فكان فيمن عقرها.[8]
[1] . قال الجوهري ندبه الأمر فانتدب له اي دعاه له
وأجاب.
[2] . شقراء أيشديد الحمرة وبراء اي كثير الوبر، عشراء
اي أتى على حملها عشرة أشهر ويكون عرضها قدر ميل.