ذلك: فإنّ دفع المنكر في هذه
الأمثلة و نحوها واجب بضرورة العقل و اتّفاق المسلمين.
و
أمّا في غير ما يهتمّ الشارع بعدمه من الأمور، فلا دليل على وجوب دفع المنكر.
و
أمّا النهي عن المنكر، فهو لا يدلّ على وجوب دفعه؛ فإنّ معنى دفعه هو تعجيز فاعله
عن الإتيان و إيجاده في الخارج، سواء ارتدع عنه باختياره أم لم يرتدع، و النهي عنه
ليس إلّا ردع الفاعل و زجره عنه على مراتبه المقرّرة في الشريعة المقدّسة.
أقول:
ما ذكره السيّد الأستاذ رحمه اللّه صحيح، لكنّ الإعانة على الحرام إذا كانت عن قصد
وقوعه، فلا شكّ في استحقاق العقاب عليها و إن كان الحرام المعان عليه من أصغر
الصغار، فإنّها تجرّؤ، و التجرّيّ سبب للعقاب قطعا، كما قرّرنا في أصول الفقه؛
خلافا للشيخ الأنصاريّ قدّس سرّه، و عليه، فلا ثمرة في البحث عن حرمتها الشرعيّة
بعد ثبوت استحقاق العقاب. و أمّا إذا لم يكن عن قصد، فلا يبعد القول بحرمته عقلا
غير أنّ الروايات تدلّ على الجواز، و معها ينبغي الفتوى بالجواز على تفصيل تقدّم
في عنوان «التسبيب» في الجزء الأوّل، و الروايات المشار إليها أيضا قد تقدّم نقلها
أيضا ذيل العنوان المذكور، و اللّه العالم.
نعم،
في صحيح بن سنان عن الصادق عليه السّلام: «أيّما مؤمن قدّم مومنا في خصومة إلى قاض
أو سلطان جائر، فقضى عليه بغير حكم اللّه، فقد شركه في الإئم»،[1]
لكنّه إن تمّ دلالته، فهو من الإعانة على الظلم.
365.
الإعانة على قتل المسلم
في
صحيح ابن مسلم عن الباقر عليه السّلام: «إنّ الرجل ليأتي يوم القيامة و معه قدر
محجمة من دم (مقدار خونى كه در حجامت گرفته مىشود)، فيقول: و اللّه! ما قتلت و لا
شركت في دم، فيقال: بلى ذكرت عبدي فلانا، فترقّى ذلك حتى قتل، فأصابك من دمه».[2]
و
في صحيح حمّاد (برواية الفقيه) عن الصادق عليه السّلام، قال: «يجيء يوم القيامة
رجل إلى رجل حتّى يلطّخه بالدم و الناس في الحساب، فيقول: يا عبد اللّه! مالي و
لك؟