إنّ
أرباب الجرح و التعديل كالشّيخ و النجّاشي و غيرهما، لم يعاصروا أصحاب النّبي صلّى
اللّه عليه و آله و أمير المؤمنين عليه السّلام، و من بعدهم من أصحاب الأئمّة
عليهم السّلام، حتّى تكون أقوالهم في حقّهم صادرة عن حسّ مباشر، و هذا ضروري، و
عليه فإمّا أن تكون توثيقاتهم و تضعيفاتهم مبنية على أمارات اجتهادية و قرائن
ظنية؛ أو هي منقولة عن واحد بعد واحد، حتّى تنتهي إلى الحسّ المباشر، أو بعضها
اجتهاديّة، و بعضها الآخر منقولة، و لا شق رابع.
و
على جميع التقادير لا حجيّة فيها أصلا، فإنّها على الأوّل حدسيّة، و هي غير حجّة
في حقّنا؛ إذ بناء العقلاء القائم على اعتبار قول الثّقة، إنّما هو في الحسيّات أو
ما يقرب منها دون الحدسيّات البعيدة، و على الثّاني يصبح معظم التّوثيقات مرسلة،
لعدم ذكر ناقلي التّوثيق و الجرح في كتب الرجال غالبا.
و
المرسلات لا اعتبار بها، نعم، عدّة من التّوثيقات منقولة مسندة كما في رجال الكشي
رحمه اللّه، و هذا ممّا لا شك في حجيّتها و اعتبارها إذا كانت الأسناد معتبرة.
و
الحاصل: أنّ حال هذه التّوثيقات حال الرّوايات المرسلة، فكما إذا قال الشّيخ
الطوسي قدّس سرّه قال الصّادق عليه السّلام كذا و كذا، و لم ينقل سنده لا نقبله،
كذا إذا قال: مسعدة بن صدقة من أصحاب الصّادق عليه السّلام ثقة، فإنّ الحال فيهما
واحد، فكيف يقبل الثّاني و لا يقبل الأوّل؟
و
كنّا نسأل سيّدنا الأستاذ الخوئي رحمه اللّه أيّام تتلمذنا عليه في النّجف الأشرف
عن هذا، و لم يكن عنده جواب مقنع، و كان يقول إذا طبع كتابي في الرجال تجد جوابك
فيه، و لمّا