و ليس الشّيخ رجاليّا صرفا، أو
محدّثا سذجا، ليعتذر عنه بالغفلة، بل هو مجتهد متضلّع و محيط بجميع العلوم
الشّرعيّة في عصره، و قلّ من وفقه اللّه بمثله.
و
هو الّذي أصرّ و تأكّد و كرّر في العدّة على اعتبار الوثاقة في الرّاوي، و على
سائر شروط الحجيّة، و لو اتّخذ سبيل الكليني في الكافي، لم يذهب أوقات الأردبيلي و
النوري رحمهما اللّه عبثا.
نقول
للشيخ المعظّم: إنّ الّذين رويت عنهم و لم توثّقهم، هل تعلم ضعفهم أو وثاقتهم أو
لا تعلم حالهم أصلا؟
فعلى
الأوّل و الثّاني، لم أمسكت عن التّوثيق و التضعيف؟
و
على الأخير لم لم تصرّح بجهالتهم حتّى يكون الأمر للأجيال القادمة واضحا، و لم
يذهبوا إلى الأفراط و التفريط؟
و
لو اعتذر الشّيخ رحمه اللّه بأنّه كان مطمئنا بصحّة المصادر، و إنّما ذكر الأسناد-
ناقصا لمجرّد خروج الأحاديث من الإرسال، لقلنا له: أيّها العالم الجليل، و يا شيخ
طائفتنا- سلام اللّه على روحك الطاهرة- أنت ما ألّفت التهذيبين لنفسك، بل للمؤمنين
من بعدك أيضا، و هؤلآء في حصول الاطمئنان يحتاجون إلى ذكر الأسناد و الرواة
الثقاة، لا إلى هذه المشيخة، على أنّك ما صرّحت في كتبك بهذا الاعتذار، بل وعدت في
أوّل فهرستك بذكر التّعديل و التّجريح في ترجمة كلّ من تذكر اسمه، لكنّك ما وفيت
بعهدك، في أوّل كتابك و هذا من مثلك- رفع اللّه درجاتك المتعالية في الجنان- غريب
و عجيب، بل لم يكن متوقعا منك!
و
أنا موقن أنّه بوسعك توثيق كثير من المجهولين و تضعيف جمع منهم، و لكنّك- رغم
وعدك- أهملتهم، و هذا ما لا أعلم وجهه.
ثمّ
إنّك ما ذكرت مصادر توثيقاتك و تضعيفاتك، كالنجّاشي، فصارت كلّها مرسلة، و الآن
بقي علم الرجال و أحاديث التهذيبين مقترنين بمشكلات عديدة.
و
في الأخير: هل أحالتك على الفهارس- و على فهرستك على وجه- في آخر المشيخة لا تدلّ
على أنّ طرق المشيخة، كطرق الفهرست في مجرّد الإخبار غالبا، و ذكر أسامي الكتب و
الإشارة الإجماليّة إلى رواياتها، لا بمناولة الكتب مع رواياتها المذكورة فيها؟
كلمة
أخيرة لإظهار حقيقة
المتتبّع
المتعمق ربّما يطمئن بأنّ طرق المشيخة، كطرق الفهرست إلّا ما فيها قرائن لفظيّة،