لعلمائنا الأعلام أقوالا و
تفاصيل في المقام لا بدّ من التّعرض لها و معرفة قويّها من ضعيفها، فنقول مستمدّا
من اللّه سبحانه:
القول
الأوّل: المرسل إمّا يرسل عن بعضهم، أو عن جمع،
و
الأوّل لا يكون حجّة على الأصل، و الثّاني حجّة للاطمئنان بعدم كذب جمع، فإذا قال
الرّاوي عن عدّة أو عن جماعة أو عن غير واحد أو أمثال هذه العبارات نبني على
اعتبار الرّواية، و إن لم نعرف المحذوفين إسما بالمدح و الذمّ، للاطمئنان بعدم كذب
جميع الجماعة المذكورة في أخبارهم.[1]
أقول:
هذا
التفصيل لا يحتاج إلى إقامة دليل بعد حصول الاطمئنان بعدم الكذب في الفرض المذكور،
فإنّ الاطمئنان حجّة عقلائيّة لم يردع الشّارع عنه؛ و لهذا التفصيل ثمرات في علم
الفقه و غيره، و لا أدري هل قال به قائلون أم لا[2]؟
لكنّي
أعتمد عليه.
القول
الثّاني: اعتبار روايات مطلق المهملين،
كما
صرّح به صاحب قاموس، الرجال و سيأتي نقد كلامه في البحث الآتي.
و
قد نسب هذا القول إلى ظاهر جمع من المتأخّرين أيضا[3]،
و استدلّ له بأنّ اللّه تعالى علّق وجوب التبيّن على فسق المخبر و ليس المراد
الفسق الواقعي و إن لم نعلم به، و إلّا لزم التكليف بما لا يطاق فتعيّن أن يكون
المراد، الفسق المعلوم، و انتفاء التثبت و التبيّن عند عدم العلم بالفسق يجامع كلا
من القبول و الرد، لكن الثّاني منتف و إلّا لزم كون المجهول الحال أسوء حالا من
معلوم الفسق، حيث يقبل خبره بعد التثبّت.
أقول:
التلفيق
المذكور فاسد جدّا، فإنّ الألفاظ موضوعة لنفس معانيها، لا مع قيد العلم، كما قرّر
[1] . و يلحقّ بالفرض الأوّل في عدم الحجيّة ما إذا كان
قول المرسل محتملا للوجهين؛ و ذلك لعدم حصول الاطمئنان حينئذ.
[2] . يظهر من باب الحيض و باب البلوغ، عمل جمع من
الفقهاء بمثل هذا المرسل.
[3] . مقباس الهداية: 56، و خاتمة المستدرك: 3/ 298.