عجب فيه، فإنّ القدماء كانوا
أقرب إلى زمان الأئمّة عليهم السّلام و لهم مزيد اطّلاع على القرائن اللفظيّة و
الحاليّة.
أقول:
كلّ من راجع الرّوايات في أمثال أعصارنا يجد من نفسه عدم التواتر و القرينة
المفيدة للقطع في الرّوايات، إلّا نادرا غاية الندرة، فلا مجال للمسلك الأوّل
أصلا.
و
أمّا المسلك الثّاني ففيه: أوّلا فقدان الشّهرة في كثير من معاني الرّوايات و
المسائل الفقهيّة، حتّى يرجع إليها. و ثانيا: انّ الشّهرة إذا لم توجب الاطمئنان
بصدور الخبر- كما هو الغالب- لا تكون حجّة، و لا مرجّحة، و لا جابرة، و لا كاسرة،
و لا فرق في ذلك بين الشّهرة الفتوائيّة و الشّهرة الروائيّة على الأظهر، و سيأتي
تفصيله فيما بعد.
3.
مسلك جمع من المحدّثين المعتقدين بقطعيّة روايات الكتب الأربعة.
4.
مسلك جمع من المحدّثين و غيرهم، القائلين بصحّة روايات الكتب
الأربعة
بل
ذهبوا إلى صحّة أخبار غير هذه الكتب، من كتب الصدوق و أمثاله، و عليه فلا حاجة إلى
مراجعة علم الرجال إلّا في فرض التعارض و الترجيح و نحو ذلك،[1]
و إن شئت الوقوف على دلايل هذين المسلكين و إبطالها، فعليك بالمطوّلات.[2]
و سيأتي نقلها و نقدها في محلّه مع الاختصار.
و
الحقّ أنّه لا سبيل لنا إلى صحّة الرّوايات و تمييز الحجّة عن اللاحجّة غالبا، سوى
وثاقة الرّواة و صدقهم، و هذا أمر وجداني- رغم إصرار جماعة- فاستنباط الأحكام
الشّرعيّة موقوف على علم الرجال، و هو من أركانه.
5.
مسلك المانعين من جواز المراجعة إلى علم الرجال: و هو يشمل
دعوى أنّه علم منكر يجب التحرّز عنه؛ لأنّ فيه تفضيح الناس، و قد نهينا عن التجسس
عن عيوبهم، و أمرنا بالغضّ و التستّر.
و
نوقض بالجرح و التعديل في المرافعات، و بذكر المعائب في مقام الإشارة على
المستشير، مع أنّ الأحكام الكلّية الإلهيّة أولى من الحقوق الجزئيّة المجوّز فيها
ذلك.
و
الحلّ إنّ حرمة المقدّمة المنحصرة إذا توقّف عليها واجب أهمّ، ساقطة لا محالة،
فافهم جيّدا.
[1] . انظر: فوائد علم الرجال على مسلك الإخبارييّن،
الوسائل: 20/ 112.
[2] . انظر: الوسائل: 20/ 61- 112؛ الجزء الأوّل من
معجم الرجال، لسيّدنا الأستاذ الخوئي رحمه اللّه؛ و مقدّمة تنقيح المقال للفاضل
المامقاني و غيرها. و سيأتي نقل تلك الدلايل و نقدها مع الإختصار في بحث الثالث و
الثلاثين إن شاء اللّه تعالى.