فأرض
المحشر أشرقت لا بالشمس المرئية لنا اليوم بل بنورآخر و إن شئت فقل بنور ربّنا.
وتقرّب مكاناً منها احتمالًا كرة النار ثمّ كرات الجنة وهى الجنّات. والله العالم.
ويشهد
بعد الآيتين بذلك أمران آخران:
أولهما:
أن هذه الأرض بجبالها تزول على أحد الاحتمالين بالرّج و الزلزلة
«وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا، فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا» الواقعة: 5
و 6 «وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً
واحِدَةً» الحاقة: 14
ثانيهما:
أنّ الأرض الصغيرة لَاتّسع حشر الأجساد منذ زمن آدم الى موقع النفخ فى الصور.
فالمتحصل
من الجميع أنّ المحشر و أرض الحساب و مواقف القيامة، كرة عظيمة فوق ما نتصور حتى
إذا فرضنا حشر المحشورين عليها تدريجاً طيلة ذلك اليوم لا دفعة وفى عرض واحد[1]
وأظن أنّ حركتها الوضعية بطيئةٌ جدّاً لطول يومها، و يحتمل أن ميدان الحساب كرات.
والله العالم. والعمدة فى تبيين مكان الجنة فى كرات فى أحد المجرات قوله تعالى:
«وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى، عِنْدَها
جَنَّةُ الْمَأْوى، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى، ما زاغَ الْبَصَرُ وَ
ما طَغى» النجم: 13- 17
وكان
النبى عرج بجسمه و روحه عند مشهور علماء المسلمين على البراق و هى سفينة محيرة
معقدة كما يستفاد من الرّوايات الكثيرة فى المعراج و ذهب الى السموات و رأى جبرئيل
عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى و عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى و ما زاغَ بَصَرُ رسول
الله صلى الله عليه و آله و سلم فهذه قرينة مهمة اذا احترزنا التأويل فىكلامه من
دون ضرورة و لله الحمد.
[1] -« قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ،
لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ( الواقعة/ 49 و 50). فَإِذا هُمْ
جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ» يس: 53« فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ
فِيهِ» آل عمران: 25« رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ»
آل عمران: 9.
نام کتاب : المعاد في ضوء الدين و العقل و العلم نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 88