أقول:
المتيقن من لفظ الآية المذكورة و سياقها بملاحظة ماقبلها، ان التبديل المذكور الذى
هو من أعظم مراتب الرحمة الرحيمية يوم القيامة، انما هو فى حق المشركين الفاسقين
الذين يرجعون الى الله و يؤمنون به و يعملون صالحاً، و لايشمل المؤمنين العاصيين
بعد توبتهم عن المعصية و اتيانهم الصالحات حتى و ان كانت اكثر من صالحات من آمنوا
بعد كفرهم.
الا
أن يقال: لفظ الآية و ان يختصّ بالمؤمنين الصالحين بعد كفرهم لكن فهم المتشرعة و
حكم العقل الفطرى يشهدان بالتعميم.
بل
ورد فى الكافى عن الباقر (ع) كما فى صحيح الحذاء (ج 3/ 322): أسألك بحق محمد حبيبك
محمد إلّا بدلّت سيئاتى حسنات ..
وفى
دعاء كميل المشهور الذى يدل متنه على صحة صدوره من أمير المؤمنين (ع): الّلهم لا
أجد لذنوبى غافراً و لا لقبائحى ساتراً و لا لشيء من عملى القبيح بالحسن مبدلًا
غيرك.
و
اما معنى تبديل الله السيئات بالحسنات، ففيه أقوال:
1-
التبديل فى الدنيا طاعة الله بعد عصيانه و ذكر الله بعد نسيانه.
2-
محو السيئة عن العبد و ثبوت الحسنة بدلها.
3-
يبدل الله بقبائح اعمالهم فى الشرك محاسن الأعمال فى الاسلام.
أقول:
هذا فى حد نفسه مجمل يرجع فى تفصيله الى احد القولين السابقين. القول الاول، و ان
كان وجهاً معقولًا؛ لكن القول الثانى اوفق بلفظ الآية، و يؤيده رواية غير معتبرة
سنداً دالة عليه[1] و عليك
بمراجعة قاموس القرآن. فانّ لمؤلّفه بيانا لطيفاً فى التبديل المذكور.
[1] - و حسن ظننا بكرم الله المنّان، ان يبدّل سيئاتنا
بالحسنات.
نام کتاب : المعاد في ضوء الدين و العقل و العلم نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 104