و استدلّوا أيضا بحديث الثقلين، و غيره من الاحاديث الثابتة، الآمرة بالتمسك بالقرآن، و الرجوع إليه[1].
و ذلك بتقريب: أنه لا معنى للأمر بالتمسك بالقرآن، و بالرجوع إليه، إذا كان الآمر يعلم بأن قرآنه سيحرف، و يبدل .. و ذلك لاحتمال أن ينال التحريف كل آية آية، فيفقد قيمته، و لا يبقى معنى للأمر باتباعه ..
و لعلك تقول: لعله يعلم أن التحريف لسوف ينال القسم الآخر، الذي لا يتضمن احكاما شرعية، أو غيرها، مما تمس الحاجة الى الرجوع إليه فيها ..
و الجواب:
أولا: إن من يريد التحريف، لسوف يتعمد أن يكون ذلك في المواضع التي تمس هداية البشر، و تشوش أفكارهم، و تبلبل عقائدهم، و لن يختار لعمله هذا تلك الموارد، التي لا تقدم و لا تؤخر في أمر الهداية، و حل المشكلات، على مختلف الاصعدة ..
و ثانيا: إن نفس الارجاع إلى كتاب أصبح موضع شك و ريب، لن يكون عملا مقبولا، و لا مفهوما لدى أولئك الذين يؤمرون بالرجوع إليه؛ فانهم لسوف يعيشون حالة التردد، و التزلزل، و ضعف اليقين ..
و ثالثا: قد قدمنا: أن قوله تعالى: «لا رَيْبَ فِيهِ، هُدىً لِلْمُتَّقِينَ»[2] من شأنه أن يدحض كل احتمال، يوجب الريب في القرآن، و يوجب التزلزل و الشك في هدايته .. كما لا يخفى.
الدليل الخامس: الواقع التاريخي:
إن تحريف القرآن، إن كان في زمنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؛ فهو غير