و بعد .. فان من المعلوم: أن ابن مسعود، لم يكتب الفاتحة أيضا في مصحفه، و كذلك ابي بن كعب[1]. و حكى الرازي عن ابن مسعود: انكار كون الفاتحة، و المعوذتين، من القرآن[2].
و قد انكر ابن حزم نسبة ذلك إليه، و استدل بصحة ما روي من قراءة عاصم على ابن مسعود[3].
و قد اعتذروا عنه؛ بأن من القريب جدا، بل من المقطوع به: أن يكون قد أهمل كتابتها في مصحفه، من أجل وضوح قرآنيتها؛ و لأنه يعلم ان الفاتحة، التي تقرأ في كل يوم عدة مرات في الصلاة، مما لا يمكن أن ينسى، أو يعرض الشك فيه[4].
و لنفرض: أنه لم يكتبها في مصحفه الشخصي، فماذا يضر ذلك، بعد أن كانت قرآنيتها، من ضروريات الدين، و بعد اجماع الأمة على قرآنيتها؟! و هل عدم كتابتها تدل على اعتقاده بعدم قرآنيتها؟! ..
لماذا الاصرار على اتهام ابن مسعود؟
و نحن نكاد نقطع: بأن الاصرار على اتهام ابن مسعود، بأنه كان ينكر
[1] البحر الزخارج ج 2 ص 249 و جواهر الاخبار و الآثار بهامشه. و راجع: الجامع لاحكام القرآن ج 20 ص 251، و الفهرست لابن النديم ص 29 و الاتقان ج 1 ص 64 و محاضرات الادباء، المجلد الثاني جزء 4 ص 434.
[2] جواهر الاخبار و الآثار، المطبوع بهامش البحر الزخارج ج 2 ص 249.