أبي بكر، أو لعلهم فهموا: أن ما قام به زيد، و أبو بكر لا يعنيهم، لأنه أراد أن يكتب مصحفا للخليفة، لا لعموم المسلمين.
و مهما يكن من أمر، فانهم يقولون: إنه حتى بعد جمع زيد للقرآن: كان أهل الكوفة يفرؤون على مصحف ابن مسعود، و أهل البصرة يقرؤون على مصحف ابي موسى الاشعري، و أهل الشام على مصحف أبي، و أهل دمشق خاصة على مصحف المقداد، و عند ابن الأثير: أن أهل حمص كانوا على قراءة المقداد[1].
عائشة و جمع القرآن:
هذا .. و رغم جمع زيد للمصحف، و رغم جمع عثمان الناس على قراءة واحدة، و كتابته المصاحف، و ارسالها إلى الاقطار، و حرق ما خالفها؛ فقد روى يوسف بن ماهك، الذي لم يدرك ارسال عثمان للمصاحف إلى الآفاق[2]- روى لنا- ما يدل على أن عائشة كانت لا تزال ترى: أن القرآن غير مؤلف، و لا مجموع، قال ابن ماهك:
إني لعند عائشة، أم المؤمنين (ر ض)- إذ جاءها عراقي؛ فقال: أي الكفن خير؟!
قالت: ويحك! و ما يضرك؟!.
قال: يا ام المؤمنين، أريني مصحفك!
قالت: لم؟!
قال: لعلي أؤلف القرآن عليه؛ فانه يقرأ غير مؤلف. (أي غير مرتب و لا منظم) (أو فإنا نقرؤه غير مؤلف).
[1] راجع: الكامل في التاريخ ج 3 ص 111 و تاريخ القرآن للابياري ص 107 و التمهيد في علوم القرآن ج 1 ص 247 عن الكامل، و عن المصاحف للسجستاني ص 11- 14.