إذن، فاللّه قد أبهم فاعل الغضب و لم يصرح به، ليفيد المشمول و العموم لكل من يغضب للحق. و ينفر من فعل الباطل.
2- ثم إنه تعالى قد عبر عن هذا الغضب بصيغة اسم المفعول، و لم يستعمل صيغة الفعل، حيث لم يقل: الذين غضب عليهم. لأن صيغة الفعل تفيد التصرم و الزوال، و هو تعالى إنما يريد أن يقرر فعلية الغضب، و الدوام و الثبات و الاستمرار فإن هذا أشد من الزجر، و أدعى للإنزجار.
3- و إنما عبر بالمغضوب، مشيرا بذلك إلى الغضب من أجل أن يعرفنا الداعي و السبب لسلب النعمة، و هو إجرامهم المقتضي للغضب، ثم للعقوبة و الجزاء.
من هم المغضوب عليهم و الضالون:
و قد ورد في الروايات، و ذهب إليه عدد من المفسرين: أن المقصود ب (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ): اليهود. و المقصود ب (الضَّالِّينَ): النصارى.
و الظاهر: أن هذا من باب الانطباق، حيث إن اليهود و النصارى من مصاديق المغضوب عليهم، و من مصاديق الضالين.
و الآية عامة صالحة للانطباق عليهم و على غيرهم ممن يعمل عملهم. و في الآيات القرآنية ما يدل على انطباق (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) على غير اليهود، و انطباق الضالين على غير النصارى.