و الرضى منه تعالى، أن ذلك- إنما يتم بالعمل، و الممارسة، فلا بد من أطروحة عملية تقدم لهذا الإنسان نهجا يساعد على تحقيق ذلك، و تقدم له أيضا قوانين و أحكاما سلوكية تحمي خطواته على هذا الطريق من أن تزل و تنحرف. و هو أيضا بحاجة إلى العون و الرعاية و الهداية.
و لا بد أن نتلمس هذا النهج، و تلك النظم و القوانين و الأحكام و نطلبها منه تعالى لأنه سبحانه- بصفته رب العالمين- هو وحده العارف بما خلق، و هو وحده المطلع على كل الغيب و على جميع الأسرار، و هو المربي، و العالم بطبيعة المربوب، و العالم بسبل الوصول إليه، و الاتصال به.
فقوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ يأتي كنتيجة طبيعية لقوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. فهو الجهة التي نلجأ إليها بصورة عفوية و طبيعية.
فإذا كان لا بد من عبادة توصل إليه تعالى، و لا بد من كدح و عمل و مواجهة مصاعب و متاعب، فإن طلب المعونة، و طلب الهداية إلى الضوابط و الأحكام التي تضمن سلامة الحركة يصبح أمرا ضروريا.
فالعبادة ليست هدفا، و إنما هي وسيلة تستبطن العمل الذي يحقق الهدف و لكي يكون العمل مؤثرا لأثره دون أية