فانّه بناء على كون المدرك في اعتبارها أصالة عدم القرينة يمكن أن يقال: إنّ الخبر الخاصّ بنفسه لا يكون قرينة، بل قرينيّته باعتبار كونه مثبتا للمؤدّى بتوسّط التعبّد بالسند، فلا يتمّ فيه الورود، بالبيان المتقدّم. و أمّا بناء على كون المدرك في اعتبار أصالة الظهور هو جهة كشفه و إراءته و لو نوعا عن المراد النّفس الأمري: فلا محيص عن كون الخاصّ واردا على أصالة الظهور و رافعا لموضوعها، فانّ القطع بدلالة الخاصّ بضميمة التعبّد بصدوره يقتضي بطلان كاشفيّة الظهور و إراءته عن المراد النّفس الأمري، و لعلّه لذلك جزم الشيخ- قدّس سرّه- بالورود في هذا الوجه.
و لكن مع ذلك كلّه لا يتمّ الورود، فانّه على كلّ حال الخاصّ إنّما يكون رافعا لموضوع أصالة الظهور بتوسّط إثباته للمؤدّى، و لا يكفي في ذلك مجرّد التعبّد بالسند ما لم يقتض ثبوت المتعبّد به و المخبر عنه، و قد تقدّم: أنّه مهما كان رفع موضوع أحد الدليلين بتوسّط ثبوت المتعبّد به في الآخر يخرج عن ضابط الورود و يندرج في ضابط الحكومة.
فالأقوى: أنّه لا فرق بين الوجهين و أنّهما يشتركان في كون الخاصّ حاكما على ظهور العامّ، و لا يكون واردا عليه، فتأمّل في أطراف ما ذكرناه جيّدا، و تأمّل في عبارة الشيخ- قدّس سرّه- حقّ التأمّل.
المبحث الخامس في حكم التعارض
اعلم: أنّ التعارض إمّا أن يكون بين دليلين لا غير، كما إذا قام أحد الدليلين على الوجوب و الآخر على الحرمة. و إمّا أن يكون بين أكثر، كما إذا