«الشيء» في قوله عليه السلام «إنّما الشكّ في شيء لم تجزه»[1] لا يمكن أن يعمّ الكلّ و الجزء في مرتبة واحدة بلحاظ واحد [1] فانّ لحاظ الجزء شيئا بحيال ذاته إنّما يكون في الرتبة السابقة على تأليف المركّب، لأنّه في مرتبة التأليف لا يكون الجزء شيئا بحيال ذاته في مقابل الكلّ، بل شيئيّة الجزء تندكّ في شيئيّة الكلّ و يكون لحاظه تبعيّا، ففي مرتبة لحاظ الكلّ شيئا لا يمكن لحاظ الجزء شيئا آخر مستقلا، لأنّ الكلّ ليس إلّا الأجزاء، فلا يمكن أن يراد من لفظ «الشيء» في الرواية ما يعمّ الجزء و الكلّ، بل إمّا أن يراد منه الجزء فتختصّ الرواية بقاعدة التجاوز، و إمّا أن يراد منه الكلّ فتختصّ بقاعدة الفراغ.
و ثالثا: يلزم التناقض في مدلول قوله عليه السلام «إنّما الشكّ في شيء لم تجزه» لو كان يعمّ الشكّ في الجزء و الكلّ، فانّه لو شكّ المصلّي في الحمد و هو في الركوع، فباعتبار الشكّ في الحمد قد جاوز محلّه فلا يجب عليه العود، و باعتبار الشكّ في صحّة الصلاة لم يتجاوز عنها، لأنّه بعد في الأثناء، فيجب عليه العود، فتأمّل.
و رابعا: التجاوز في قاعدة التجاوز إنّما يكون بالتجاوز عن محلّ الجزء
______________________________ [1] أقول: ما أفيد إنّما يتم في فرض إرادة الكل من «الشيء» و إرادة جزئه، إذ حينئذ يلزم اجتماع اللحاظين في الجزء استقلالا و تبعا، و أما لو أريد من «الشيء» عنوانه الكلي و من إطلاقه سرايته في أي مصداق منه بلا لحاظ كل و لا جزء، فلا قصور في شمول الإطلاق كلا العنوانين: من الصلاة و الركوع.
نعم: قد يشكل من جهة آخر، و هو ان الشك في الكل إن كان من جهة الشك في هذا الجزء المشكوك يصدق عليه ان الكل بوصف انه كل شيء مشكوك، و اما ان كان من جهة الشك في صحّته لفقد موالاة مثلا لا يصدق على الكلّ انه شيء مشكوك، لأنه بما هو شيء بملاحظة اجتماع أفعاله المقطوع الوجود، و بملاحظة موالاته فلا يحسب عند العرف شيئا، فما منه شيء لا يكون مشكوكا، و ما منه مشكوك لا يكون شيئا، كما لا يخفى.