اختلفت كلمات الأعلام في أنّ الكبرى المجعولة الشرعيّة في قاعدة الفراغ هل هي عين الكبرى المجعولة في قاعدة التجاوز؟ فترجع القاعدتان إلى قاعدة واحدة، أو أنّ الكبرى المجعولة الشرعيّة في قاعدة الفراغ غير الكبرى المجعولة في قاعدة التجاوز؟ بل كلّ منهما قاعدة مستقلّة برأسها لا يجمعهما كبرى واحدة، إحداهما مضروبة للشكّ في الأجزاء في أثناء العمل، و الأخرى مضروبة للشكّ في صحّة مجموع العمل بعد الفراغ منه.
و يمكن أن يستظهر من كلام الشيخ- قدّس سرّه- اتّحاد القاعدتين و وحدة الكبرى المجعولة الشرعيّة، حيث قال: «الموضع السادس- أنّ الشكّ في صحّة الشيء المأتيّ به حكمه حكم الشكّ في الإتيان، بل هو هو، لأنّ مرجعه إلى الشكّ في وجود الشيء الصحيح» انتهى. فتكون الكبرى المجعولة الشرعيّة هي عدم الالتفات إلى الشكّ في الشيء بعد التجاوز عنه، سواء كان متعلّق الشك وجود الشيء أو صحّته، لأنّ الشكّ في الصحّة يرجع إلى الشكّ في وجود الصحيح، فالجامع بين القاعدتين هو الشكّ في الوجود، غايته أنّ الشكّ في قاعدة التجاوز يتعلّق بوجود الشيء، و في قاعدة الفراغ يتعلّق بوجود الصحيح، و هذا المقدار من الاختلاف لا يقتضي اختلاف الكبرى، بل هو من اختلاف الموارد و الصغريات.
هذا، و لكن يرد عليه:
أوّلا: أنّ متعلّق الشكّ في قاعدة التجاوز إنّما هو وجود الشيء بمفاد كان التامّة، و في قاعدة الفراغ إنّما هو صحّة الموجود بمفاد كان الناقصة [1] و لا جامع
______________________________ [1] أقول: لقد أجاد فيما أفاد، فيا ليت! لم يرجع عن هذه الجهة، على ما سيأتي بيانه مع ما فيه.