به الأحكام المترتّبة على ما ينتزع عنه، لأنّ الأمر الانتزاعي ليس بنفسه مؤدّى الأصل، بل مؤدّى الأصل منشأ الانتزاع، فيتوسّط بين مؤدّى الأصل و الأحكام الشرعيّة ذلك الأمر الانتزاعي. و قد عرفت: ما في دعوى خفاء الواسطة.
فبناء على أن يكون «الأوّل» معنى انتزاعيّا لا يكاد يمكن إثباته بالأصل الجاري في منشأ الانتزاع. و الظاهر أنّه لا بدّ من الالتزام بالانتزاعيّة، فانّه لا يمكن أن يكون معنى «الأوّل» مركّبا من وجود الشيء و عدم سبق مثله أو وجود ضدّه، لأنّ التركيب إنّما يعقل في موضوعات الأحكام، لا في مداليل الألفاظ، فانّ مداليل الألفاظ كلّها تكون بسائط، و لا يمكن أن يكون معنى اللفظ مركّبا من مفهومين- كما أوضحناه في محلّه- فلا يكون مدلول لفظ «الأوّل» مركّبا من مفهومين: أحدهما وجود الشيء في زمان، و ثانيهما عدم مثله في الزمان السابق أو وجود ضدّه فيه، بل لا بدّ من أن يكون «الأوّل» موضوعا للمعنى البسيط الحاصل منهما و لو كان ذلك المعنى البسيط نفس اجتماع المفهومين في الزمان، كما إذا فرض أنّ الواضع تصوّر مفهوم اجتماع المفهومين في الزمان و وضع لفظ «الأوّل» بإزاء مفهوم الاجتماع، و من المعلوم: أنّ ضمّ الوجدان إلى الأصل لا يثبت عنوان الاجتماع إلّا على القول بالأصل المثبت.
و بالجملة: لا إشكال في أنّ مدلول لفظ «الأوّل» معنى بسيط منتزع من وجود الشيء المسبوق بعدم مثله أو وجود ضدّه، فاستصحاب بقاء رمضان أو عدم هلال شوّال لا يثبت كون الغد أوّل شوّال، فيشكل الأمر في الأحكام الشرعيّة المترتّبة على أيّام الشهر إذا لم يحرز اليوم الأوّل بالوجدان، و يلزم تعطيل تلك الأحكام مع الشكّ في أوّل الشهر.
هذا، و لكن يمكن دفع الإشكال بأنّ الظاهر كون المراد من «أوّل الشهر» في موضوع الأحكام هو يوم رؤية الهلال أو اليوم الّذي انقضى من الشهر الماضي ثلاثون يوما بمعنى أنّه يكفي فيه أحد الأمرين، فعند الشكّ في الهلال