يكون في التكاليف الواقعيّة، و أمّا التكاليف الظاهريّة الّتي تؤدّي إليها الأصول العمليّة: فليس محلّ التوهّم الاشتراك فيها، فانّ مؤدّيات الأصول إنّما تختصّ بمن يجري في حقّه الأصل، فقد يجري في حقّ شخص لوجود شرائطه فيه، و لا يجري في حقّ شخص آخر لعدم وجود شرائطه فيه، و ذلك واضح.
و أمّا الوجه الثاني: ففيه أنّ العلم الإجمالي بنسخ جملة من الأحكام الّتي كانت في الشرائع السابقة ينحلّ بالظفر بمقدار من الأحكام المنسوخة الّتي يمكن انطباق المعلوم بالإجمال عليها [1] فتكون الشبهة فيما عدا ذلك بدويّة و يجري فيها الأصل بلا مزاحم.
فالأقوى: أنّه لا مانع من جريان الأصل بالنسبة إلى أحكام الشرائع السابقة عند الشكّ في نسخها.
نعم: يمكن أن يقال. إنّه لا جدوى لاستصحاب حكم الشريعة السابقة، فانّه على فرض بقاء الحكم في هذه الشريعة فانّما يكون بقائه بإمضاء من الصادع بها، كما يدلّ عليه قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «ما من شيء يقرّبكم إلى الجنّة و يبعّدكم عن النار إلّا و قد أمرتكم به»[1] الخبر، فمع عدم العلم بالإمضاء لا جدوى لاستصحاب بقاء حكم الشريعة السابقة [2] فتأمّل.
______________________________ [1] أقول: بناء على كون العلم الإجمالي تعلّق بالنسخ الوارد فيما بأيدينا من الكتب لا مجال لانحلاله على مبناه السابق في مسألة الفحص في الأحكام. و لكن قد عرفت ما فيه.
[2] أقول: بعد كون حكم كلّ شريعة حكما إلهيّا ناشئا عن مصلحة ثابتة في حقّ المحكوم عليه، فعلى تقدير بقاء هذا الحكم في زمان الشريعة اللاحقة يستحيل عدم إمضائه له، لأنّ عدم إمضائه مساوق عدم تماميّة مبادئ حكمه في حقّهم، و المفروض: أنّ بقائه في حقّهم يكشف عن تماميّة الملاك و المبادئ، و إلّا يلزم الجهل في المبدأ الباري جلّت عظمته (تعالى عن ذلك علوّا كبيرا) و حينئذ الشكّ في بقائه مساوق الشكّ في بقاء ما هو ممضاة في الشريعة السابقة، و الاستصحاب يثبت بقائه، كما لا يخفى.
[1] الوسائل الباب 12 من أبواب مقدمات التجارة الحديث 2.